يتباكي النظام منذ يوم أمس الأول ويستنكر في كل وسائله الإعلامية الجريمة الشنعاء - حد وصفه - التي حدثت الجمعة الماضية في جامع النهدين والتي أصابت رئيسه ورموزه . لكنه تناسى انه كان المعتدي الأول لحرمات المساجد سواء خلال أيام هذه الثورة المباركة أو في حروبه ومعاركه السابقة .
فخلال الأيام الماضية اعتدى النظام على المعتصمين وهم في أكثر من مسجد ولم يردعه عن تلك التصرفات الشنيعة أي وازع أخلاقي أو ديني أو حتى عرفي .
وفي ذات الوقت لم يستنكر إعلامه المتخبط والمسيّر وفق أهوائه لا وفق ما يريده الشعب من معرفة للحقيقة , وإنما رآها أعمالا مشرفة وواجباً وطنياً ضد من خرج عن الشرعية الدستورية حتى تمادى البعض منهم وقال إنهم خرجوا عن الدين واستباح دمائهم .
فمازلنا نذكر وندين حادثة اعتداء الأمن المركزي بلاطجة النظام على المعتصمين العزل في شارع الجزائر وملاحقتهم واحتجازهم في مسجد الرحمن في شهر ابريل الماضي وقت صلاة المغرب واحتجاز أكثر من أربعين مصاباً ظلوا لأكثر من ثلاث ساعات يتألمون بداخله , لا سيارات إسعاف مسموح لها بالدخول ولا أطباء موجودون. وحده البصل والخل وعلب البيبسي والكندا والديلسي الأسود كانت الإسعافات الأولية لهم، أما من لم يحالفه الحظ في الوصول إلى المسجد فكان مصيره الخطف والاختفاء .
ويروي الصحفي عبد الخالق عمران الذي كان متواجدا حينها ما حدث قائلا (فيما قوات الأمن المركزي تحاصر مداخل الجامع منذ ما قبل المغرب كانت سيارات الإسعاف التابعة للحكومة وقطيع من البلاطجة قد وصلوا إلى بوابات الجامع السابعة مساءً. أوهمونا أن قوات الأمن المركزي المحاصرة للمكان انسحبت، وأنهم من المستشفى الميداني لساحة التغيير يريدون نقل المرضى، فتح الشباب بوابة الجامع الجنوبية حيث كانت تقف سيارات الإسعاف الحكومية للتأكد من صحة الخبر، فوجدوا عكس ما قيل، الأمن لا يزال يحاصر المكان والدكتور المكلف من المستشفى الميداني لنقل الجرحى لم يكن سوى مدعي ينفذ مخططاً قذراً يهدف إلى خطف الجرحى.
أغلق المحاصرون في الجامع البوابة الخارجية بعد كشفهم لهذا المخطط الرخيص واحتشدوا خلفه. وكان البلاطجة وقتها يضربونهم بعصيهم وهراواتهم.
تماسك المحاصرون، أيقنوا بأنهم مقدمون على معركة غير متكافئة قد ينالون الشهادة التي طالما تمنوها، حسب تعبيرهم لحظتها، شرعوا في الاستعداد لها منهم من كان يصلي ومنهم من يقرأ القرآن ومنهم من يتصل بأهله ويبلغهم بوضعه وماسيؤول إليه في حال هاجمهم الأمن والبلاطجة وآخرون منهمكين في خدمة المصابين.
تكررت محاولات البلاطجة من الأبواب الأخرى للجامع. كان المحاصرون قد أغلقوها ونقلوا بعض المصابين في حوش الجامع إلى الداخل، فضلاً عن الجرحى في عيادة الجامع الذين تعرضوا للإرهاب نفسه، الذي استمر لما يقارب ثلاث ساعات من قبل بلاطجة صالح وعسكر نجله وأبناء أخيه لم يكن أمام المحاصرين من مجال سوى توجيه نداء استغاثة عبر مكبرات الصوت بأبناء الأحياء المجاورة لجامع الرحمن لفك الحصار عنهم، ربما كان أسرع نداء يستجاب له فقد لبى الشيخ فائز العوجري أحد كبار مشائخ صعده يسكن قرب الجامع، ومعه مجموعة كبيرة من الوجهاء نداء المحاصرين، وفكوا الحصار المضروب على الجامع من قبل البلاطجة والعسكر وفتح له باب الجامع الشمالي.. استقبله المحاصرون استقبال الأبطال وذهب مباشرة إلى ميكرفون الجامع وأعلن بأن جميع من في الجامع بحمايته. ولم تأخذ رسالة الشيخ العوجري التي أعلنها عبر مكبرات الصوت أكثر من ربع ساعة كي يفهمها المحاصرون للمسجد والمتظاهرين بداخله، وانسحبوا من مداخل الشوارع المؤدية إلى الجامع وبواباته، حتى جاءت سيارات الإسعاف التابعة للمستشفى الميداني للثورة وبرفقة سيارات الشيخ العوجري أقلت المصابين إلى ساحة التغيير ونحن معها)
ولم يكتف النظام بذلك بل قام باعتداءه السافر على ساحة الحرية في تعز وقت صلاة الفجر ومن تابع مقاطع الاعتداء كان يسمع إمام الجامع وهو يقيم الصلاة، فيما البلاطجة ورجال الرعب (الأمن) يعتدون على المعتصمين العزل أثناء صلاتهم .
وفي يوم الجمعة الماضية يوم الاعتداء الغاشم على مسجد النهدين الذي لم نعرف حتى اليوم من يقف خلفه وإذا كان حقيقيا أم مفتعلا , والذي استنكره الشباب , وناح عليه الإعلام الرسمي , لم يذكر ذلك النظام أو يشير مجرد الإشارة إلى الاعتداء الغاشم أيضا على مسجد الكينعي الواقع في منطقة حدة والذي قصفه جنود النظام ,
وأطلق هذا النظام رصاصاته الكثيفة طوال صلاة الجمعة تلك على المصليين مما تسبب في مقتل اثنين وإصابة العشرات وكانت الحصيلة سترتفع لولا تدخل رجال القبائل ودحر هؤلاء المعتدين . وغيرها من الاعتداءات ولم تكن تلك الأحداث في نظر الإعلام الرسمي اعتداء آثم على حرمات الله .
ونسي هذا النظام أيضا أن قتل النفس المحرمة هي عند الله اشد من هدم الكعبة المشرفة وظل يقتل المئات من العزل و الأبرياء في صلف وظلم جائر لا يقبله عرف ولا دين
ولا ينسى المشهد اليمني اعتداءات النظام سابقا على مساجد عدة وأئمة مساجد وعلماء دين بحجة الاختلافات المذهبية وغيرها من الحجج ولم يتورع النظام في صعدة على تخريب عدد من بيوت الله ومراكز التحفيظ وغيرها تحت عدد من المسميات .
خلاصة القول نحن لا نؤيد ما حدث في جامع النهدين وكل مسلم يستنكره لكن ما أريد قوله إن هذا النظام لم يرع حرمة مسلم أو مسجد أو إمام أو عالم وانتهكها في أكثر من مرة وكان الجزاء من جنس العمل .
بشرى العامري
النظام المنتهك الأول لحرمة المساجد 2181