* كعادته يحاول النظام تحويل المحطات المصيرية ولحظات الاستحقاقات الحاسمة إلى سيرك تتحول على خشبته "بهلواناته" لتقديم وصلات تبعث على الاستنكار وتنثر أكاذيباً تثير السخرية والهجاء بين أوساط قاعدة اجتماعية عريضة، نُكّلت بها السياسات المعطبة لنظام بلا آفاق.. بلا مستقبل، كل نجاحاته وانجازاته إعادة خلق الأزمات وإنتاج الكوارث على صعيد الإنسان والوطن، ومن غياب الاحتياجات الضرورية للناس إلى تدمير السلم الأهلي والعبث بالسيادة وانتهاك الحريات وتشريع القمع وملاحقة شرفاء هذا الوطن وذوي البرامج والأفكار والآراء المغايرة.
* لقد فشل النظام في ترميم علاقاته مع الشعب، استبعد الجميع وراكم عبر مسيرته المكللة بتيجان من شوك وقطرات دم حالة من القطيعة والرفض الشعبيين لمجمل سياساته غير الشعبية والمعادية لحق الناس المشروع في العيش الآمن والكرامة المصانة، حقهم في العدل والمساواة والمواطنة الواحدة، لم يعد لدى النظام ما ينافح به عن مبررات بقائه، بعد أن مزق اللحمة الوطنية وأغرق السلم الاجتماعي بحمامات دم ودورات عنف واحتراب أهلي سياسي قبلي ووحدة نازفة متشظية.
* لم يعد للنظام من أنصار يضخون في شرايينه شرعية فقدت أهليتها منذ استبدال شرعية العقد الاجتماعي بشرعية القوة واختزال الملايين بثلة من النفعيين الفاسدين، بعد كل هذا ترى من سيمنح النظام كرتاً آخر أو آخر كرت للبقاء، واستمر القهر والإلغاء والمظالم؟
واستطراداً.. على من يراهن النظام في بقائه.. على العمال الذين قذف بهم إلى أرصفة الطرقات بعد أن باع مصانعهم وملكها للأبناء والأحفاد والمقربين والنافذين، أم فلاحي الريف الذين استوطن الوباء أكبادهم وشقق الظمأ شفاههم وقضت رفع أسعار الوقود على ما تبقى لهم من حياة، أم جماهير الطلاب الذين يدفعون ثمن فساد التعليم وتراجع مخصصاته واعتماداته في الموازنة وذهابها إلى جيوب الفاسدين، أم على آلاف الثكالى والأرامل والجرحى، أم الآلاف من الكوادر المدنية والعسكرية من أبناء الجنوب الذين سرقوا وفصلوا من وظائفهم وأقيلوا من مناصبهم وشُردوا خارج الوطن قسراً وظلماً وعدواناً، أم على حشود "جُمع" ميدان السبعين التي يعرف النظام جيداً كيف ولماذا أتت هذه الحشود.
أم يراهن على القوة والتعبئة الخاطئة لأفراد القوات المسلحة والأمن والشعب والعزف على عناوين "الوحدة، الحراك، القاعدة، الحرب الأهلية"، وهو بلا شك رهان خاسر، لأن الشعب قد شب عن الطوق ويعي جيداً ألاعيب وأكاذيب النظام، يعي تماماً كل ما يدور حوله، سيما ما يتعلق بمصيره ووطنه.
إذاً على من يراهن النظام في بقائه، على الشعب المثقل بالضرائب ونهب "الدولة" الجابية، الشعب المنتظم في طوابير البطالة والجوع والموت، المقيد في خانات الفقر في بلد للقلة الثرية والملايين الجائعة.
* قطعاً إن النظام وهو يحاول تضليل الشعب، عبر أبواق إعلام مدفوعة الثمن من ضرائب وكد الناس.. قطعاً إن هذا النظام المحشور في زاوية الرفض الشعبي، يدرك جيداً فداحة الجرائم المرتكبة بحق الوطن وأبنائه.
النظام يدرك أنه لم يعد بمقدور الضحايا تمجيد جلاديهم واللهج بأسمائهم واحتمال لسعات السياط والجوع والمرض، بانتظار خلاص يأتيهم من وراء المدى غير المرئي، من خارج بؤسهم الأرضي، إن الشعب قد عرف وأدرك أن خلاصه من ذل وقهر هذا النظام هو بثورته، بإرادته، مهما كانت التضحيات.
* وبلسان هذا الشعب الثائــر، نكرر على مسامع النظام: لقد أحرقت كل أوراق ومبررات وممكنات البقاء، لن تبقى على كاهلنا، إنك إلى زوال، إلى زوال وإن غداً لنظاره قريب.
alhaimdi@gMAiL.com
محمد الحيمدي
على من يراهن النظام في بقائه؟ 2011