لأول مرة منذ تحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو عام 90 م يحتفل الشعب اليمني في كل المحافظات بعيد الوحدة طواعية, بعيداً عن بهرجة السلطة ونفاقها وعرضها العسكري البائس وبعيدا عن صالح وزبانيته من عجائز النظام.
فبالأمس خرج غالبية المواطنين رجالاً ونساءً شباباً وشيبة وأطفالاً من منازلهم فرحاً وطواعية ليس للمشاهدة عن بعد بين حصار الأمن ومنعهم من الاقتراب أكثر وإنما للمشاركة الحقيقية الفاعلة.
خرج الشعب من كافة المحافظات ليحتفل بهذه المناسبة العظيمة في مختلف ساحات الحرية وليسجل أجمل صورة سيظل نورها ساطعاً في ذاكرة التاريخ إلى أبد الآبدين.
فالمشاهد لحفل النظام أمس الأول واحتفال الشعب يوم أمس يجد أن هناك فرقاً كبيراً بين احتفال النظام البائس في إحدى المعسكرات على استحياء وبين الحفل الجماهيري في مختلف المحافظات.
لأول مرة يكون الاحتفال نابع من القلوب لا مصالح فيها ولا ملايين تدفع في احتفالات ( سامجة ) ولا ميزانية تثقل كاهل البلاد لتذهب إلى جيوب الناهبين باسم الاحتفال الوطني.
أثبت الشعب أن رجال اليمن اليوم هم من في الساحات، الوطنيون هم من تباركت الأرض بخطواتهم، وعلت بضحكاتهم وصيحات انتصاراتهم وهتافاتهم التي عانقت السماء فأرسلت غيومها، تشاركهم هذا الحفل البهيج والتحمت في صورة بهية لترسل ضلالها على رؤوس الأبطال تهديهم برداً وسكينة وقطرات من المطر الخفيف وكأن السماء تبارك هذا الحفل العظيم وتدعم مطالب الشعب الأبي.
وكان أجمل ما في حفل الأمس هو تسليم العلم إلى الشباب تعبيراً عن تسليم النظام من الأيادي العسكرية إلى الأيادي المدنية وإقامة الدولة المدنية الحديثة.
والهتافات الشعبية الواحدة في كل أنحاء الجمهورية (وحدتنا وحدة قلوب لا شمال ولا جنوب شعبنا يمني واحد مطلبنا مطلب واحد).
والمستغرب هو حضور كم كبير من المواطنين الموالين للنظام والذين أبوا إلا أن يشاركوا بقية إخوانهم هذا الحفل الفريد الذي لا يمكن أن يعوض.
في المقابل نجد مفارقة عجيبة يصنعها هذا النظام الذي أزف رحيله وكتب لنفسه نهاية مخزية ستلاحقه في ثنايا التاريخ الذي حاول مراراً طمس معالم كثيرة لإبرازه الأمثل والأوحد.
ففي الوقت الذي دافع بشراسة واستماتة على مبان حكومية الأربعاء قبل الماضي وقتل وجرح كل من حاول الاقتراب من بنك الدم وبالأمس يتركون من حاصروا السفارة الإماراتية والرئيس في كلية الشرطة ومن معه وأن تعيش العاصمة طوال يوم الأمس وحتى كتابة هذا المقال في حالة فوضى عارمة وتقطع للطرق وتكسير للسيارات وتهجم على المواطنين العزل دون أن تتحرك حتى وحدة واحدة من مكافحة الشغب وتواجه هؤلاء وكأن لسان الحال يقول هم هؤلاء رجال مكافحة الشغب بشكلهم الحقيقي ليسوا إلا بلاطجة لنشر الفوضى وقمع الحريات وهذه هي مهمتهم الوحيدة
الشعب اليوم أضحى أكثر تمسكاً بوحدته وبمكاسب ثورته وسيستميت في الدفاع عنها وتحقيق مطلبه في مكافحة الفساد ومحاربة النظام الفاسد.
رسالة شكر:
شكراً للأشقاء في دول الخليج والأصدقاء في الدول الأخرى لجهودكم المضنية في حل المشكلة اليمنية التي يدعيها النظام ونقول لهم: هذه قضية شعب ومصيره وسوف يضع الشعب بنفسه الحل الأمثل لها وهو الوحيد القادر على التعامل مع هذا النظام المماطل الذي لا ينفع معه إلا الضرب بيد من حديد بيد الشعب الواحد وتحقيق رغبته في عدم تنحية النظام بل خلعه ومحاكمته ومحاكمة كل مجرم طالت يداه روحاً بريئة وسفكت الدماء أو عاثت في الأرض الطاهرة فساداً.
بشرى العامري
الاحتفال بعيد الوحدة بعيداً عن صالح 2144