هناك شعور يتنامى في الشارع المصري بأن الثورة في خطر وأن أهدافها تتبدد وأن محاولات الانقضاض عليها مستمرة ولكن الشارع لا يعرف كيف يصده ويحمى الثورة وهناك دعوات تتوارد بحشد مليونيات جديدة والاعتصام حتى يتم حماية الثورة.
يشعر الناس بأن هناك أزمات خانقة تهدد مكاسب الثورة وتجعل الأمل في إنشاء نظام سياسي جديد يتباعد، ويلاحظون أن هناك مناخاً سلبياً لا يساعد على التفاؤل بسبب ما يرونه في حياتهم اليومية، فلا يزال بقايا النظام والحزب الوطني في أماكنهم ولا يزال لرموزهم الإعلامية والسياسية دور في تسميم الرأي العام فتنتشر الشائعات ويتزايد التشدد وتطل الفتنة الطائفية بإلحاح ويعترف المجلس العسكري والحكومة بمؤامرة خارجية وداخلية وتظهر أزمات الوقود بفعل فاعل في البوتوجاز والسولار والخبز وأسعار المواد الأساسية وانفلات الأمن والبلطجة وبطء المحاكمات وبالونات الاختبار من شأن العفو والعوار في قانون الأحزاب والاستقطاب في الحياة السياسية وذلك كله يقترن بحكومة ضعيفة فلا يمكن أن نتصور أن مصر الكبيرة لا تجد حكومة قوية كما أنه إذا صح أن وزير الخارجية يتم إبعاده إلى الجامعة العربية وذلك بتعيين أحد من مدرسة التربية الأميركية فإن ذلك يعنى أن الثورة بالفعل قد تم تصفيتها.
إنني أطالب بثورة جديدة ولكن لابد من تقديم بيان بالمطالبات الفورية ذات الأولوية إلى المجلس الأعلى وأن يعطى فرصة لتنفيذها وعلى رأسها تقديم الشكر والعرفان لحكومة الدكتور شرف التي تصلح في ظروف هادئة أما الظرف الحالي فيحتاج إلى حكومة جسورة يستتب بها الأمن وتنضبط بها مصر بسيف القانون وتعد التربة السياسية للنبت الجديد وتجنب مصر أي مساس يستهدف وحدة النسيج الوطني بأي ثمن وبأي تكلفة.
ثورة جديدة ولكن بمتطلبات محددة حتى يظل للثورة هيبتها ومبررها وعلى رأس هذه المطالب حكومة قوية ببرنامج معلن وواضح فلا يكفى أن يحصل رئيس الحكومة على شرعية الميدان وإنما الأهم هو فعالية الانجاز.
نحن لا نفهم لماذا يتأخر حل مشكلة الشرطة والأجهزة الأمنية كما لا نفهم البطء في محاكمة رموز النظام وضرورة تطبيق القصاص العادل في رأس النظام وأن يتم البدء في المحاكمات بالمحاكمات السياسية ثم الجنائية ثم المالية، كذلك يتعين الانتباه إلى أن النظام الفاسد السابق تآمر على ثروات مصر وأبرم عقوداً مشبوهة وضمن هذه العقود شروطاً عقابية مشددة حتى يخشى أي نظام صالح فسخ هذه العقود، وهذا موقف عام في جميع التصرفات السابقة الذي أهدرت كل شيء في مصر.
أما ما يقال من أن دولاً أجنبية وعربية تحرص على عدم المساس بعصابة مبارك وتهدد بضغوط اقتصادية فإن ذلك يجب رفضه جملة وتفصيلاً وإعلان أسماء هذه الدول حتى يحدد الشعب المصري موقفه منها ومن مصالحها في مصر.
لابد من محاكمة مبارك وأركان عصابته محاكمة علنية حتى يثق الشعب المصري بجدية المحاكمة وحتى نشفى غليل المكلومين ضحيا هذه العصابة فكل من فقد حياته أو أصيب بحالة عقلية، ومعظم المجتمع مضار من هذه العصابة يجب أن يكون محلاً للعقاب والمحاسبة، نريد محاكمة علنية عادلة حتى تكتمل عظمة الثورة المصرية فتجمع إلى سلميتها عزيمة أبنائها وإصرارهم، وكذلك عدالة المحاكمة رغم أن العصابة أنكرت على الشعب كل حقوقه وخاصة الحق في محاكمة عادلة فقد قضى الآلآف من المصريين في قبو أمن الدولة دون محاكمة. القصاص حياة أما الانتقام فلا يجوز في القصاص.
عبدالله الأشعل
هل مصر بحاجة إلى ثورة جديدة؟ 2400