الوحدة اليمنية.. ذلك الحلم العظيم الذي ناضل الأحرار طويلاً لأجله، والمعنى السامي الذي بذل الشرفاء الغالي والنفيس لتحقيقه، والمشروع الحضاري النهضوي الذي كان يعول عليه إخراج الوطن اليمني شماله وجنوبه من أزماته المعقدة إلى رحابة الدولة الواحدة المدنية والمؤسسية.
لقد مثل إعلان الوحدة اليمنية محطة تاريخية ومنعطفاً شديد الأهمية في مسيرة وحياة الشعب اليمني جميعاً، رغم كل التجاوزات والخطيئات التي رافقت آلية هذا الانجاز، وذهب أبناء اليمن يهيمون بخيالهم وأحلامهم بعيداً، فتخيلوا اليمن دولة كبيرة، عظيمة قائمة على المؤسسية والديمقراطية والعدل والمساواة، ينعم أبنائها بالحرية والرخاء.
وللأسف سريعاً ما تكشفت وهمية هذه الأحلام.. وتعرت العقليات الاستحواذية لأطراف الوحدة، وأتضح خلوها من أي مشروع يحمل أحلام اليمنيين وتطلعاتهم ويستجيب لاستحقاقات هذا المشروع العملاق، وصولاً إلى أزمة الحرب الدموية، واستطاع بعد ذلك النظام أن يفرغ الوحدة من مضمونها وأن يقضي على مقتضياتها الرئيسية، ليبقيها شعاراً يحتمي به، ليمارس خلفه هوايته المفضلة في النهب والسلب والإقصاء والتهميش والاستحواذ والتسلط.
وبما أن الوحدة تمثل خياراً سياسياً وشعبياً وعقد شراكة متكافئة بين دولتين استمدتا شرعيتهما وسيادتهما من الشعب والأرض، إلا أن الأزمة اليمنية أزمة مركبة عميقة، يمثل الانقلاب على الوحدة جوهرها وأسسها، وتعد الحرب أداة من أدواتها.
واليوم ونحن أمام الذكرى الحادية والعشرين للوحدة، ونعيش في خضم هذه الثورة الشبابية الشعبية المباركة، نجد أنفسنا كشباب معنيون قبل غيرنا التأكيد على أن الوحدة تظل خيارنا السياسي الأصيل، ولكننا نريد أن تعني لنا الوحدة المعاني الجميلة لمفهومها وفلسفتها المتمثلة في بناء دولة مدنية حديثة أساسها العدل والمساواة وصيانة الحقوق والحريات والتي تستند إلى إعادة صياغة عقد الشراكة بما يحقق تطلعات ومطالب أبناء الجنوب ويضمن عدم العودة إلى النظام الإقصائي الأسري الدموي الفاسد أو النظام الشمولي العدائي.
إننا نجزم وبكل ثقة بأن هذه الثورة المباركة هي من ستحقق المعاني النبيلة للوحدة وهي من ستعيد الاعتبار لنضالات الشرفاء وستلحق الذل والعار للخونة العملاء وسترينا في سفاكي الدماء وناهبي الثروات يوماً أسوداً، يستجدون فيه عطف الشعب وطلب العفو عنهم وهم خلف قضبان العدالة، وستبعث الأمل في قلوب أبناء الوطن في الشمال والجنوب –الذي دمره نظام صالح- في غد مشرق وضاء ينعموا فيه بحياة حرة وعيش كريم .
* رئيس إتحاد القوى الثورية – عدن.
د.عبدالله العليمي
الوحدة التي نريد 1931