;
محمد الحيمدي
محمد الحيمدي

متى نتعلم كيف نختلف؟ 1727

2011-05-19 07:28:51


من الطبيعي جداً أن تختلف وتتباين الآراء أو تتفق، ومن المهم أن نتفهم ذلك ونكون على استعداد لتقبله والتعامل مع هذا الاختلاف بمرونة وعقلانية وإلا أدخل الإنسان نفسه في دائرة مفرغة من المشكلات، ولكن هل تتوافر لدينا دائماً تلك المرونة والعقلانية؟!.
وإن كنا سئمنا بأن الاختلاف شيء طبيعي وسنة في طبائع البشر، فهل تعلمنا كيف نختلف مع بعضنا بعضاً بشكل إنساني متحضر ودون أن تتمزق ما بيننا من علاقات ومودة؟ للأسف، فالإجابة في معظم الأحيان تكون بالنفي، لأن بعضنا يعتقد أن من خالفه في الرأي قد قلل من شأنه ونال من كرامته، ويرى البعض إن من خالفه الرأي قد ناصبه العداء!.
ولعل الأمر هو خطأ في طريقة التربية التي ننشئ عليها أطفالنا منذ البداية، فنحن في معظم الاحيان نطلب من الطفل أن ينفذ كل أمر دون نقاش أو يمتنع عن فعل دون أن نوضح له أسباب ذلك، وإذا ما اعترض أو طلب التفسير نقذف له بالجملة المعتادة "إنك ما زلت صغيراً ويجب أن تسمع كلام الكبار دون مناقشة"، فيرسخ في ذهن الطفل بهذه الطريقة أن الكبار كل آرائهم وأقوالهم لابد أن تسمع وتنفذ وأنه حين يكبر لابد وأن يكون مثلهم مسموع الكلمة، محترم الرأي لا أحد يجرؤ على مخالفته، ويعتبر ذلك من معالم نضوجه وتمام قوة شخصيته، وقد يحدث العكس تماماً، فينشأ الطفل ضعيف الشخصية، مذبذب الآراء، لا يستطيع أن يتخذ قراراً لأنه تعود أن ترسم له خطواته، وأن تملى عليه قراراته من الآخرين.
لكن الأسرة التي تتيح للطفل أن يناقش ويفهم لماذا يقوم بهذا العمل أو يمتنع عن ذاك، هي أسرة تحترم عقل الطفل وتنمي فيه روح المرونة والتفهم لأنه سوف يدرك أنه عرضة لمقابلة من يختلف معه ولابد أن يحترم رأي الآخرين ويناقشهم ويتفهمهم وأن هذا الاختلاف لا يعني العداء أو الخصام، بل هو عل العكس يعني الحوار أكثر، والنقاش أكثر، حتى نصل إلى نقطة تقارب أو اتصال وما أحوجنا إلى أن نغرس ذلك في نفوس أبنائنا، ليتعلموا أنه مهما كانت منطقية قضيتهم وحميتها في نظرهم، فهي خاضعة للنقاش وتباين الآراء، وأن ذلك لا يضر العاقل الناضج، بل على العكس يمكن أن يثري فكرته وقضيته، ولمَ لا وقد ناقش الله تعالى إبليس وحاوره حين أعرض عن تنفيذ أمر الله تعالى بالسجود لآدم –عليه السلام- وسجل القرآن ذلك، رغم أن الله هو المستحق أن يأمر، فيطاع دون نقاش ولكنه درس رباني لنا.
يقول تعالى: "قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين"، وقد تجمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحابة رضوان الله عليهم أنماطاً مختلفة من البشر، فكان منهم صهيب الرومي، وبلال الحبشي، وسلمان الفارسي، وكان منهم عمر الفاروق الشديد الصارم، وأبوبكر الصديق الرقيق الأسيف، لكنه استطاع صلى الله عليه وسلم أن يحتوي كل هذه النماذج المختلفة من البشر بمرونته وسعة صدره، وأن يؤلف بينهم ليصنع منهم قلب رجل واحد، ويعطي النموذج الفريد لما يجب أن يكون عليه القائد المربي.
وإن كنا نرغب في المزيد من القرب والتفاهم في علاقاتنا الشخصية والاجتماعية، فلنعي جيداً أننا لن نجد الآخرين كما نهوى ونحب دائماً، ولكن لابد وأن يحدث الاختلاف والتباين، ولكن علينا أن نتعلم أولاً كيف نبقي الود والحلم في النفوس شمعة مضيئة لا تطفئها رياح الغضب والانفعال، علينا أن نتعلم كيف نختلف.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد