منذ أن عرفت نفسي لم أعلم أن حاكماً عربياً تخلى عن منصبه الرئاسي، أو قدّم استقالته أو فكر بعدم الترشح أو تنحى عن طريق الانتخابات، بل كل الحكام العرب ما زالوا هم الحكام وإن مات أحدهم رأيت ولده يهيئ نفسه لقيادة البلاد خلفاً لوالده، حتى وإن لم يبلغ السن القانوني وكأن الأمهات العربيات عقيمة عن إنجاب من يقود بلداننا غير هؤلاء الحكام وأولادهم.
* لماذا هذه التعاملات الفريدة في الوطن العربي:
إن الحكام العرب يتميزون عن غيرهم بالتمسك بمناصبهم، حتى ولو كلف ذلك الدم الذي حرم الله إراقته بغير حق، وقد استباحه الحكام -بعضهم إن صح التعبير- حفاظاً على الكراسي لهم ولأولادهم من بعدهم ويمكن أن نعطيهم في ذلك براءة اختراع، لأن هذه الصفات ديدنهم لوحدهم.
عجباً لحكامنا العرب، فإنهم عندما أفاقت شعوبهم وقررت التغيير للأحسن بالطرق السلمية التي كفلها الشرع والدستور والقانون، رأيتهم يتمسكون بالكراسي وكأن أرواحهم هي الكراسي التي ستنزع منهم، فهم يلجؤون لتهيج الجيش ضد الشعوب تارة، ويستعملون أوراقاً -أظنها بالية- مثل الطائفية والمناطقية والعلماء السلطويون وغيرها من الأوراق المرفوضة تارة، ويفعلون ما لم يخطر ببال أحد.
نقول لحكامنا العرب: أهنتم أنفسكم وأهنتم شعوبكم والله بهذه الحركات المبغوضة، لماذا لا تتداولون السلطات سلمياً كباقي الناس؟، وأصبح غيرنا من الغرب يسلكون هذه السلوك الحميدة مع أنها من عمق شريعتنا الإسلامية.
بالله عليكم هل سمعتم بأن غربياً قُتل أو سُفك دمه وهو يطالب بمثل هذه المطالب المشروعة في الغرب؟، وأقول بأن الغرب ليس بحاجة لمثل هذه التظاهرات، فقادتهم لم يهينوا أنفسهم أبداً ويسلكون مسالككم يا حكامنا العرب.
لماذا أيها الحكام العرب، فرضتم على الناس أن يسخروا منا، ويراهنوا بعدم قدرتنا في مشاركتكم القرار؟
قبل الختام.. أناشد كل حاكم عربي لا زال على قيد الكرسي أن يعود لرشده، وأن يصنع له تاريخاً شريفاً وأن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه وأن يجنبوا بلدانهم الفتن.
ختاماً.. نسأل من الله أن يجنب اليمن وسائر بلاد المسلمين المشاكل والفتن، وأن يذهب بالظالمين، كما نسأله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.. إنه قادر على ذلك.. ولا تنسونا من خالص الدعاء.
* استراحة:
إذا كانت الدنيا تدوم لحكامها.. لكان الإمام أحمد حيا باقياً
صدام الحريبي
ما هكذا يا عرب تُحكم الشعوب 2314