* المصير الذي اختاره النظام:
واحدة من سمات النظام الاستبدادي، تضخم مشاعر القوة لديه حتى وإن كانت مفاصله رخوة وشرعيته منقوصة، باهتة الحضور، قاتمة الخطوط والسياسات، هكذا هو النظام الاستبدادي في اليمن، مضى بالبلاد من أزمة سياسية، إلى مغامرة عسكرية طائشة، إلى كارثة اقتصادية محققة إلى أزمة عامة محكمة الإغلاق، دون أن يجد غضاضة في الحديث وهو في ذروة ضعفه وتلاشيه عن القوة والالتفاف الشعبي حول نهجه الدموي التدميري والحديث المرسل عن المنجزات العظيمة التي اجترحها إنماءً واقتصاداً وسياسة، وهو في حضيض خانة الدولة الفاشلة.
إن مثل هذا اللغو السمج الذي يرتش –يُزين- النظام وجهه العدائي السافر ضد مصالح السواد الأعظم من المجتمع، لم يعد يمنحه هامشاً من المناورة، كما لم يعد ممكناً تسويق ذلك النهج الدموي التدميري التصفوي، بمسوح الحق والعدل والاستقامة والديمقراطية والشرعية الدستورية، لقد اختار النظام المصير والمكان الذي يقف فيه الآن متوحداً مع أزماته ويطل منه بلا مبالاة بكل غباء وحماقة على استحقاقات البلاد والشعب الملحة، من موقع الانحياز الكلي ضد المجتمع ومطالب الشعب.
* سلطة لا تسمع إلا نفسها:
ما يؤلم حقاً أن إعلام السلطة هو صانع الزعماء "المخابيل" في دول التخلف، فالسلطة "مطلق سلطة" تصنع أكاذيبها وتوضب أصنامها، تهندس رؤساءها، ثم تعيد توجيههم كخوارق وسلة انجازات باتجاه داخل يعيش في الجحيم ولا يحتاج لمن يوهمه عكس ذلك.
في الوطن اليمني جهل وأمية، فقر وفساد، بطالة وعبودية، حكم مزمن معمر ماضوي، في اليمن أوبئة انقرضت من العالم وما زالت هي سيدة الحياة في البلاد، من الجذام إلى الجدري إلى السل إلى الملاريا، وفي اليمن اقتصاد شائخ مستنزف واستثمار مطارد ورأسمال وطني منكوب بالنهب والإتاوات، والتهريب وهيمنة السلطة على مفاصله، في اليمن سلطة لا تسمع إلا نفسها ولا تحاور إلا ذاتها، فالحوار منقطع والإصغاء للآخر منعدم، والشأن العام يجري على خط واحد: من بيت الحكم إلى ذات البيت، وليذهب الجميع من قبل وبعد إلى الجحيم، جحيم الفقر والقتل والاغتيالات والتخوين.
* نحن لا نفعل.. هم يفعلون:
من الذي دمر ويدمر القوات المسلحة والأمن؟ من الذي يضعف جاهزيتها؟ من هو الذي يحاول أن ينال من وطنية هذه المؤسسة؟ نحن أم هم؟، هم يدوسون على كرامة وكبرياء الجنود، وصغار الضباط، ونحن نذود عن الكبرياء والكرامة والحقوق، هم يمارسون سحق إنسانية وآدمية الجندي الفقير البائس، حطب التضحيات، الخائض حروب الكبار بالإنابة، ونحن نتمسك بواحدية مواطنة الناس، بسلطة القانون، بكشف التجاوزات والجرائم، إذن من يدافع عن هذه المؤسسة الوطنية؟ هل هو من يسند قامات أفرادها؟ أم من يمنح غطرسة بعض القادة المارقين عن روح ونص وإنسانية القانون، حق الدوس على كرامة ومواطنة الجندي وبالنتيجة الوطن؟
قطعاً نحن لا نفعل ذلك، هم وحدهم يذبحونها من الوريد إلى الوريد.
alhaimdi@gmail.com
محمد الحيمدي
دبابيس..... 1600