يكاد لا يخلو أي إنسان فينا من هموم أثقلت كاهله ومشاكل ومعوقات يقاسيها في حياته وتختلف الطرق والوسائل التي نستخدمها للتخفيف من معاناتنا وحل مشكلاتنا وإزالة الصعاب التي نجدها في طريقنا .. وفي قمة الألم والأسى نجد أنفسنا بعفوية وتلقائية نرفع أيدينا إلى السماء، مرددين من الأعماق : ( يااااا رب ) !!!
وبلا إدراك منّا نحس بأن ثقلاً كبيراً قد انزاح عن صدورنا بمجرد ترديدنا لهذه الكلمة السحرية ونجد مفعولها العجيب بدأ يسري في أنفسنا ويعيد إليها الحياة ويبث فيها الأمل من جديد ..
ومنهم ربة البيت الجاهلة والأب المغفل ينجبون طفلاً كل عام وعندما يعجزون عن إعالتهم وتتراكم عليهم المسؤولية يرفعون أياديهم عاجزين مرددين : ( يااا رب !! )
وتلك المرأة العجوز التي كبّرت وربّت أبناءها وأحفادها ، وعملت على راحتهم كـخادمة مُطيعة ، وها هي الآن حبيسة فراش المرض تعاني ألآلام العقوق والجحود والنكران قبل ألآلام المرض والشيخوخة ترفع يداها عاجزةً باكيةً : ( يااا رب !! ).. وها هو هذا الرجل له أكثر من شهر وهو يجري من هذه الحارة إلى تلك ، ومن هذا المعرض إلى الآخر ، باحثاً عن أنبوبة غاز ، آملاً في إيجادها وأخيراً !! بعدما قطع مسافات كثيرة ، فلح في العثور على واحدة بشق الأنفس .. وحين نزل من الباص تركها جانباً حتى يدفع أُجرة الركوب للسائق ، يأتي أحدهم ويطير بها بسرعة البرق ، يلتفت الرجل ليكتشف اختفاء أنبوبة الحياة !! وإنها أصبحت أثراً بعد عين !! يجثو على ركبتيه باكياً رافعاً يديه عالياً :( يااااا رب !!)..
ويا له من منظر محزن جداً لذلك الرجل وأطفاله الصغار الذين أخذ المرض الخبيث شباب والدتهم ، لم يرحم ضعفها ، فنهش في جسدها الضئيل حتى أجهز عليه ، ففارقت الروح الجسد ، ينتحب الأطفال ووالدهم حزناً على فقدان لؤلؤة البيت، صارخين بأعين دامعة :
( يااا رب !! ) ، ( تزوج الرجل بعد شهرين من وفاتها ) ..
وهذه فتاة جميلة مثقفة حاصلة على العديد من الشهادات والأوسمة ، بلغت من العمر مبلغاً ولم تتزوج بعد .. تقول : فلتحرقوا كل شهاداتي ، فلتمحو كل حرفً تعلمته وأعطوني فقط في المقابل كلمة ( ماما) .. أصبح حلم الأمومة هاجساً يؤرقها ويسيطر على تفكيرها ليلاً نهاراً ، أصبح قلبها يفيض بما فيه من مشاعر الأمومة الجياشة التي تحملها كل أنثى ، وأذنها تطرب شوقاً لسماع ضحك وبكاء طفلها الرائع .. وعيناها تحلم دوماً بأن تصحو يوماً على ابتسامته الأروع في العالم أجمع..
تسهر الليل على سجادتها خاشعة باكية تسأل الله أن يبلغها أمنيتها ، هامسةً بصوت متحشرج : ( ياااا رب !! ) .
وهذا خريج الجامعة منذ عام (19999900) استبشر بصدور كشوفات التوظيف ، تخيل نفسه وهو ببذلة الوظيفة الأنيقة ، بحث عن اسمه في الصحيفة سطراً سطراً ، كلمة كلمة ، ( زنقه زنقه) حتى ( بهررين) عيونه وتفحص في كل الأسماء والألقاب وأرقام القيود.. ولكن للأسف لم يجد أسمه !! أخذ ( الكُريك) ورجع مطأطأً رأسه إلى ( زوتّه) في الجولة العلانية ، في حين استقبله زملاء الجولة بالضحكات وكيف رجع خالي اليدين من أي وظيفة تُذكر ، فتنهد من أعماقه نهدة عميقة تكاد تشعل براكين من قوتها وقال في نفسه : ( يااا رب !!)
ولن ننسى مشهد تلك الطفلة التي راح والدها ضحية أيدي الغدر والخديعة ، عديمة الرحمة والإنسانية , تساقطت دموعها كالمطر وهي تظن بأن من قتل والدها يهودي أو مجوسي فكيف لو عرفت أن قاتله من نفس الدين والعقيدة والوطن ؟ تُرى كيف نرد عليها عندما تعرف أن اليمني قتل أخاه اليمني ؟؟ والله آخر زمن !!
والمضحك المبكي حديث النظام المطول وما تداولته قنواته (المطبلة) عن الرجل العجوز الذي ( أخذ علقة ما خدهاش حمار في مطلع – على قولة أخواننا المصريين) وعن الذين ضربوه عديمو الإنسانية ممن لا يحترموا ( الشيوبة) ؟! عفواً هذا المصطلح جديد في لغة الشرعية الدستورية .. ( نرجو حفظه).
طيب ؟؟ والشبااااب الذين راحوا ضحية لرصاص وقناصات الغدر الغاشم و بأيدي فاقدة للإنسانية ؟ شباب لم يذوقوا طعم الحياة بعد .. كل ذنبهم أنهم خرجوا مسالمين ، مطالبين بحقوقهم الشرعية ؟؟ يا ناااااس؟؟ يااا عاااالم.. نبكي على الشيبة القاتل المأجور أبو ألفين ؟؟ وننسى مئااااات الشباب والأطفال و الضحايا الأبرياء الذين سقطوا من مختلف المحافظات ؟!
يااااااااااا رب !! أنت المنتقم الجبار .. اللهم انتقم منهم وعجل في عقابهم في الدنيا قبل الآخرة .. آآآميــــن .
وهنا وطنُ جريح يبكي فلذات أكباده الذين ضحوا بدمائهم الزكية الطاهرة فداء لترابه الغالي ويلملم أبناؤه أشلاءه المثخنة بالجراح ليصنعوا بوادر أمل بوطن جديد أكثر أماناً ورخاءً .. يدعو كل قاطنيه بقلب رجل واحد ، آملين في النصر القريب : يااااااااااااا رب !!
وها أنا فتاة بسيطة أرغب بوطن أجمل ، ترفرف على جباله أعلام المحبة والسلام ، بلا أزمات ، وبلا ثقافة ( طفي لصي ) التي شيبت رؤوسنا .
وأدعو ربي أن يمنحني مستقبلاً مشرقاً ، تحوطه السعادة ، ويملأه الأمل .. ولذلك أنا أقول دائماً ياااااا رب .. وأنتم حتماً ستقولون : آآآآآميــن ..
ومضـــة وطــن :
لا يزال الشعب اليمني مبتسماً رغم ما يعانيه من أزمات وويلات ومآسي ، وهذا ما عهدناه من هذا الشعب العظيم .. ابتسموا دائماً .. وصبـاحكـم فُــل !!
ملاك عبدالله
يااااااااا رب !!... 2149