صحيح أن الثورة قد طال أمدها في الساحات والميادين، والمخاوف أن تذوي شعلة العزائم مع طول الانتظار، وأن مرور الوقت يساعد الرئيس (الصالح) على ارتكاب الكثير من الحماقات الطائشة بحق الثورة والوطن، لكن الصحيح أيضاً أن طول مدة الثورة واشتعال الساحات والشوارع بالاحتجاجات يعني مزيداً من الألم النفسي لهذا الحاكم المعاند، كل هتاف تردده حنجرة شاب بنزق ثوري يحمل شحنة غضب تجلد صالح ونظامه بقسوة، كل مسيرة وكل كلمة وخطاب وبيان، عبارة عن سهام تقصف تحصينات نظام صالح ومواقعه المفتوحة فيبقى النزيف على مدار الساعة، وسائل الإعلام وهي ترصد وتحلل وتعلق تكون ألماً إضافياً ضد صالح ونظامه المنتهية صلاحيته.
سرعة الحسم في ثورتي تونس ومصر قللتا من الخسائر المادية لهذين البلدين، وقللتا-أيضا- من كثافة الضغط والهجوم ضد الرئيسين المخلوعين هناك.. ووفرتا على شباب الثورة الصراخ والهجوم والبقاء طويلاً في الساحات، وتوفر لـ(بن علي ومبارك) التنحي بأقل (بهذلة)، لكن يبدو أن علي عبدالله صالح الذي يكثر من الكلام يستحق كل هذه (الشرشحة) في الساحات ووسائل الإعلام كل هذه الشهور، بل ويتم تدويل النقمة ضده لتشمل دول الإقليم وأوروبا وأمريكا والصين وروسيا، وحتى رسامين الفن الكاريكاتوري في البرازيل أمثال كارلوس لاتوف.
عناد صالح وثبات شعبنا في ساحات التغيير وميادين الحرية، كشف للعالم، مقدار القبح والشر في هذا النظام، وحجم الثبات والقوة والثورية والسماحة وانضباط النفس والتحضر لدى هذا الشعب اليمني الأصيل.
صالح الذي سلب منا حياتنا ثلاثاً وثلاثين سنة، عاقبنا بالأعمال الشاقة ثلاثة عقود، أوقف عجلة وطن من أن تمضي إلى المستقبل كل هذه السنيين وهي بعمر الشعوب تعني الكثير، غيب إرادة الشعب، فحكم ولم يحقق التطلعات والأماني، هاهو خروجه الحتمي يبدو ثقيلاً وغير سلس تماماً مثل حال الروح الشريرة الطالعة من جسد إنسان أكثر الخطايا والآثام.
عبدالرقيب الهدياني
خروج صالح غير السلس 2062