كل يوم أستل سيفي -أي قلمي- لأكتب عما يدور داخلي وما تختلج به مشاعري من خواطر أهديها للوطن الذي أحلم به لي ولكم ولكل المسحوقين في جمهورية القاع التي نتشاطر فيها الآلام والأحزان وحتى الأحلام بغدٍ أفضل يضم الجميع تحت سقفه.
وبمناسبة عيد العمال، سأحلم بدولة عمال حقيقية ومؤسسات تؤدي واجباتها على أكمل وجه، دولة مدنية ونظام وقانون ينصف المظلوم ويدين الظالم.
أحلم بحاكم يسقط من على كرسي القداسة "كجلمود صخرٍ حطه السيل من علِ" وبعده يأتي حاكم جديد يغسل ضميره كل صباح "بديتول أو بحامض الكبريت"، أو حتى بدموع وآهات كل المظلومين وأنات البؤساء والموجوعين.
أحلم بمحاكم تنصف الحق وبملك أساسه العدل وبسجون تكتظ جدرانها بأجساد الظالمين والمجرمين والمتنفذين وكل من يعيثون فساداً على أرض الوطن، لا بأجساد الشرفاء والمظلومين.
أحلم بكرامة لا تُهان وأرواح لا تغتال وحرية لا تسجن خلف القضبان وصحافة لا تخشى الحقيقة ومواطن يمشي منتصب القامة مرفوع الهامة.
أحلم بأقلام لا تتكسر وأفواه لا تكمم وصحف لا تصادر ومنظمات حقوق إنسان تغلق أبوابها لأنه لم يعد ليدها من تدافع عنه، بعد أن عاد فينا الإنسان وعادت كافة حقوقه.
أحلم بليل لا يكدر صفوه قطع الكهرباء، ونهار لا تذهب فرحته غلاء الأسعار، ومواطن حقيقي لا تشتته همومه وأحزانه، بل تجده يشع حباً واحتراماً لوطنه.
أحلم بمواطن من الدرجة الأولى، لا يزايد هذا على وطنيته ولا يشتري آخر مبادءه بحفنة مال أو بوعد كاذب بمنصب أو جاه.
أحلم بكراسي سهلة التبديل والانتقال وقادة يستمدون إرادتهم من الشعوب، وشعوب حرة تأبى أن تكون خرافاً حتى لا تقودها الذئاب من جديد.
أحلم ألا أحلم مجدداً بالحرية، بل أن أعيشها وحسب، هكذا مع الجميع وبكل بساطة دون قيود ودون شروط ودون أن تملى علينا حرية زائفة تجد بين طياتها أغلال العبودية، فكونوا أسياد أنفسكم لا عبيداً تلحق، فعبيد الحق أحرار.
أحلم بألا يسرقوا الثورة من عيون الأبطال وألا تنام أعين الجبناء وألا يمر من سفك الدماء من أمامنا مرور الكرام.
أحلم ألا تصادر أحلامي وألا تنضب خواطري وأن يطيل الله عمري حتى أشهد قيام دولتي الحقيقية، وحتى حدوث ذلك سأحلم وأحلم، وإن تحققت يوماً ما كل أحلامي سأسرح أفكاري أو أقاعدها مؤقتاً من فعل الحلم الفاضح.
فما أجمل أن تتحقق الأحلام والأجمل ألا نتوقف أبداً عن الحلم، لأنه الشيء الوحيد المتوفر ببلاش لأفقر فقير، ولأغنى غني في البلاد، والأجمل من ذلك أن تجتمع كل الأحلام، فالأحلام مجتمعة تتحقق، حتى وإن بدت اليوم مستحيلة.
* خاطــرة:
في يوم الجمعة الفائت شدني الزفاف الملوكي للأميرين "ويليام وكاثرين"، وبين زحف الشعب نحو قصر "برمنجهام"، لإظهار حبهم واحترامهم للعائلة الحاكمة، وزحف الشعب نحو قصر "فرساي" في الثورة الفرنسية.
سأحلم بزحف الشعب نحو القصر الجمهوري، لينتزع حريته انتزاعاً، وليظهر حبه واحترامه لوطنه وتقديره لثورته التي عمدت بدماء الشهداء، ليسقط النظام المتساقط أصلاً والمتهاوي منذ سنوات وبإسقاط ما تبقى منه ستتحقق كل الأحلام.
شيماء صالح باسيد
خواطر ثورية 5 2019