نعم "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، فهذا الأمل هو الذي يمدنا بقوة الاحتمال مهما بلغت تأوهاتنا وانكساراتنا، ولكن هذه الفسحة التي تشدنا بمواصلة الصبر واحتمال المزيد من الانكسارات تتسبب أحياناً في انقباض النفس على نحو لا يطاق سيما عندما يطول أمد الصبر بأكثر مما هو معقول ويتراءى لنا أن الأمل أخذ يخبو شيئاً فشيئاً حتى أضحى سراباً في سراب فيما معاناتنا تزداد حدة، تكاد تصل إلى مستوى القنوط الذي يولد التيه "ابن عم الجنون"!!.
فها هو الواقع يطالعنا بأن كثيرين صيرتهم الإجراءات الحكومية العابثة في حال مفزع، مرعب فهذا يحدث نفسه وذاك ينتف شعر رأسه وآخر غارق في هموم متعته حتى من الجود بالبسمة لمعاريفه، فيكون الظن بأن المسكين فقد السمو في التعامل، والصحيح أنه غريق الجحيم الذي أنتجته سلطة الفساد الرسمي والذي أخذ يشتد ويقوض فسحة الأمل على كل الذين هم بهكذا حال، ليمضوا تائهين ثم مجانين ولا يهم الأمر هنا كيفما كان لأن "السحرة" الموالين للفساد جاهزون لتلوين الواقع المأزوم بشكل يطمئن شياطين الفساد.
فكتابات النفاق أضحت وسيلة سهلة لبلوغ غايات قذرة، وأسوأ من هذا أن بعض ما يكتب تم إبرازه بمسوح المنطق بينما هو من الداخل محشو بالزيف.. مما يعني أن المواد عند هؤلاء ليس فقط الضحك على عقولنا وإنما كذلك العبث بلغتنا وحشوها بالقبح لنكف عن القراءة أيضاً بعد أن عزفنا عن مشاهدة قناة الكذب الرسمية الفضائية.
وحسب المعطيات فإن وتيرة الكلام الأجوف بدعم شياطين الفساد لن تتوقف بل إنها تتساوى في الحدة مع النبال المصوبة إلى قلوب وبطون أوسع الناس فقراً وبؤساً.
ولن نذهل إذا انحدرت بنا سياسة الإفقار إلى قعر المجاعة، أن يدعي محترفوا أو "سحرة" الكلام الفارغ أننا مغمورون مع الشبع ونوشك أن نبلغ قمة السعادة وقد بلغ بالبعض الآخر أن يمارس علينا ما هو أرذل من الكذب ليقول لنا إن ما بنا يمكن احتماله والصبر عليه إذا ما أدركنا مغزى التغييرات التي أخذت تحدثها الدولة في مضمار سياساتها الاقتصادية!!.
هذه السياسة الباينة في شكلها وجوهرها على أنها ضعف مضاعف من الإفقار للسواد الأعظم من الشعب ومزيداً من الإغداق على قلة من المتنفذين والمتسلطين وأعوانهم والمرائين والمنافقين "السحرة".
وخلافاً لما يدعيه شياطين الفساد من تقدم وازدهار فإن رصيدهم الحقيقي يتجلى ناصاً على الواقع بتزايد أعداد الجياع والبائسين والمتسولين والمجانين!!.
Alhaimdi@gmail.com
محمد الحيمدي
شياطين وسحرة الفساد!! 1843