تتوالى مؤشرات الاهتمام الإقليمي والدولي باليمن يوما بعد يوم. فبعد تبني دول مجلس التعاون لمبادرة تنهي الأزمة في البلاد، وإجراء اجتماعات جمعت وزراء خارجية الخليج بالفرقاء اليمنيين في الرياض وأبو ظبي الأسبوع المنصرم؛ دخل مجلس الأمن الدولي على خط الأزمة وذلك للمرة الأولى منذ اندلاعها ليضفي زخما على الجهود الخليجية المتصلة.
مجلس التعاون حرص على استقرار اليمن وأمن المنطقة عبر مبادرة العاشر من أبريل الجاري وفق مبادئ الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره، وتلبية طموحات الشعب في التغيير والإصلاح، وانتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنب البلاد الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني، مع التزام الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسياً وأمنياً، ووقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات، على أن يعلن الرئيس صالح نقل صلاحياته إلى نائبه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة ولها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة، لتسيير الأمور سياسياً وأمنياً واقتصادياً ووضع دستور وإجراء الانتخابات.
هذا الحرص من قبل دول مجلس التعاون لم يقابل لحد اللحظة من الأطراف اليمنية كافة بالإيجابية المرجوة، فالرئيس اليمني أعلن أول من أمس امام أنصاره في صنعاء ترحيبه بالخطة الخليجية لنقل السلطة والتعامل معها بإيجابية ولكن "في إطار الدستور اليمني". وهو يظل إعلانا غامضا لا يقدم موافقة صريحة على كافة مفردات المبادرة. وفي الطرف الآخر من الأزمة تتشبث المعارضة بمواقفها المعلنة وعلى رأسها التنحي الفوري للرئيس صالح.
على المدى المنظور لا يملك اليمنيون خيارا سلميا ناجعا غير تلك المبادرة التي توخت إنهاء الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، وكان حريا بالأطراف اليمنية جمعاء إبداء تجاوب مسؤول تجاه جهود مجلس التعاون، وذلك بالتقدم خطوات نحو الوفاق، لا زيادة التنافر. وتقديم المصلحة العامة على المصالح الذاتية الضيقة، فـ"الانتصارات الوهمية" التي تتحقق في الشارع لأي من الطرفين لا تساوي قطرة دم يمنية سفكت، خاصة أن جهات تتربص العداء بشعب اليمن وببلدهم -حرب صعدة السادسة مثال على ذلك التربص- ناهيك عن أن دخول اليمن في حرب أهلية سيفتت البلاد، وينمي دور "القاعدة" على الأرض.
إن الحلول المطروحة من قبل الحريصين على استقرار اليمن، لا بد أن تقابل بشيء من المسؤولية من قبل اليمنيين أنفسهم، ويجب أن تزول التطلعات المصلحية حتى يتعافى البلد ويخرج من مأزقه. فحالة كحالة اليمن لن يفيد معها التصلب في المواقف أبدا، بل سيجلب الوبال لا محالة.
الوطن السعودية
افتتاحية الوطن
إيجابية اليمنيين هي الحل 1865