يبدو أن الصمت العربي والدولي المخيف إزاء القمع الذي يواجه به الشعب الثائر في سوريا، قد فتح شهية نظام صالح لمزيد من الدماء ومن باب "ما فيش حد أحسن من حد"، هاهم بلاطجة النظام وقوات أمنه يواجهون المسيرات السلمية في جميع المحافظات بقمع عنيف، مستخدمين الهراوات والرصاص الحي وقنابل الغاز ، بل وتعدى الأمر هذه المرة إلى استخدام مياه الصرف الصحي في تفريق المسيرات، وكأن لسان حال النظام وأتباعه يقول "من أجل الحفاظ على كراسينا ومصالحنا، نحن مستعدون للنزول إلى أي مستوى حتى ولو كانت بيارات الصرف الصحي".
وفي نفس الوقت الذي تطال فيه رصاص النظام وقنابله صدور الشباب العارية، يستمر النظام وآلته الإعلامية في الحديث عن الحوار والشرعية الدستورية.
مصطلح الحوار أصبح النشيد الذي يردده نظام صالح كل صباح والشرعية الدستورية، سيمفونيته التي يعزفها قبل أن ينام "متوسداً" صميله الذي يلوح به في وجه كل من لا يفهم معنى أغلبية جمعة السبعين.
الحوار الذي اعتمده صالح منذ وصوله إلى الحكم في 1987م هو حوار من نوع خاص يستحق الرئيس/ صالح أن يمنح عنه براءة اختراع، (حوار أنا أملي وأنت توافق) حوار هو من يقرره ويديره ويحدد سقفه، حوار يبدأه متى يريد وينهيه متى يشاء وبالطريقة التي يراها مناسبة.
هذا هو الحوار الذي ينادي به الرئيس/ صالح وكل من يرفض الحوار بهذه الطريقة، فهو مجرد أقلية تنفذ أجندات خارجية للانقلاب على الأغلبية، الأغلبية التي كانت قد تكرمت بالتنازل عن حقها الذي اكتسبته من صميلها الأخضر، وجلست على طاولة الحوار مع أقلية –هي بحسب وصف صالح– لا تمتلك رؤية لإدارة البلد ولن تتمكن من إدارة الحكومة لأسبوع واحد، والأهم من ذلك أنه ليس لديها مشروع لتحرير فلسطين – ولكن لا ضير لديه من تقديم هذه التنازلات ما دامت من أجل الوطن الذي هو فوق الجميع، ولكنه تحت صالح وعائلته.
ولكن أن يبلغ التمادي بالأقلية إلى حد اعتبار تنازل الأغلبية خوفاً، وكرمها ضعفاً، فلا بد حينها من الصميل الذي سيتكفل بإعادة كل واهم إلى صوابه.
صميل الحاكم هو فقه الحوار لديه، ولغته في التعبير عن أغلبيته التي تحشد كل جمعة إلى ميدان السبعين وهو وسيلته أيضاً، لفرض شرعية دستورية لم يكن يمتلكها في يوم من الأيام، وها هو يحاول جاهداً فرضها حتى باستخدام مياه المجاري.