;
سارة عبدالله حسن
سارة عبدالله حسن

نساء التغيير.. ثورة الرند 2078

2011-04-23 10:33:00


ما يجعلني أشعر بمودة كبيرة نحو إخواني المعتصمين في الساحة ذلك الفيض الهائل من الاحترام والرحمة الذي يغمرونا به.
وقد تحدثت مع كثير من المعتصمات في هذا الموضوع بالذات –شعورهن داخل الساحة– أجمعن على أنهن لا يشعرن بالأمان بعد أن يخرجن من بيوتهن إلا عندما يصلن إلى الساحة، أتذكر في إحدى المرات ذهبت إلى الساحة وحدي، وكنت قادمة من مدخل جولة مذبح، وما إن وصلت إلى الخط المؤدي إلى المنصة حتى توقفت ولم استطع السير من الازدحامن فوقفت جانبا ممسكة بحبال إحدى الخيام، عندها انتبه لي بعض الإخوة فأفسحوا لي الطريق بسرعة حتى وصلت إلى المكان الذي تجلس فيه الأخوات قرب المنصة خلال بضع دقائق.. أخلاق هي موجودة في الأساس وقيم أفرزتها الثورة على السطح، لا نستطيع أمامها إلا أن نومئ برؤوسنا إعجاباً وفخراً بإخوتنا الذين لا يعاملون المعتصمات في الساحات كأخوات لهم فحسب، بل كأميرات لأن البعض من الرجال للأسف لا يعرفون بعد معنى احترام شقيقاتهم.
المرأة في الساحة أيضا تعبر عن رأيها بصراحة، تشارك في اعتلاء المنصة، تخرج في المسيرات، تشارك في صنع الثورات، إنها معهم تبني يمناً جديداً ولن تهمش بعد اليوم، وهي أيضا في قيادة الثورة وفي مقدمة الصفوف.
في حين نسأل ما الذي قدمه نظام صالح للمرأة الذي تشدق دوماً بالوقوف إلى جانبها، فيما لا زالت المرأة تعاني بنسبة 80 بالمائة من الأمية، وحدثت انتكاسة في المحافظات الجنوبية، حيث كان تعليم الإناث إلزامياً قبل الوحدة، اليوم تراجعت نسبة المتعلمات هناك أيضا وصار مستوى الأمهات أفضل من بناتهن اللواتي زادت نسبة تسربهن من المدارس.
في الجانب الصحي استطاع نظام صالح أن يقدم أكبر منجز للمرأة عندما نافست المرأة اليمنية على المراتب الأولى عالميا في نسبة وفيات الأمهات، واليوم نحن ننافس على المراتب نفسها بالنسبة لوفيات الأطفال، وندعوا الله أن تنقذ الثورة أطفال اليمن قبل أن يصلوا إلى هذه المرتبة، خاصة وأن النظام زاد في ظلمه لهم وقتل الكثيرين منهم خلال هذه الثورة إذ بلغ عدد ضحاياه حتى الآن وبحسب اليونيسيف أكثر من 24 قتيلا، فإذا ما أضيف لهم ضحايا انفجار مصنع الذخيرة من الأطفال أصبح العدد 73، إضافة إلى 693 طفلا مصابا، ماذا عن السياسة؟، لم يستطع الحزب الحاكم أن يدعم المرأة في البرلمان وهو الذي كان ينتقد معارضيه لاستغلالهم أصوات النساء كناخبات والمقعد الوحيد الذي حصلت عليه مرشحة النظام مشكوك في صحة صناديقه ولم تستطع صاحبته ولا نواب المؤتمر جميعا أن يقدموا للمرأة إنجازا يذكر سوى بعض القوانين التي فرضتها عليهم المنظمات الدولية والتي لا تنفذ عادة على أرض الواقع.
اليوم وبعد أكثر من ثلاثين عاماً عانين فيها منه جاء ليكافئ النساء بقتل المعتصمين سلمياً من أبنائهن وأزواجهن وإخوانهن ويضيف على ذلك حديث إفكه، فإذا ما خرج رجال التغيير الأبطال الأحرار تنديدا بفعلته المثيرة للاشمئزاز –كما أجادت وصفها إحدى أخواتنا المعتصمات على قناة الجزيرة– زاد في تنكيله وكافأنا نحن النساء وكافأ المدافعين عنا بمذبحة جديدة كالتي حدثت في شارع بغداد يوم الأحد 17 ابريل وكأنه يؤكد برده العنيف على هذه المظاهرة مجددا أن نساء التغيير بل نساء اليمن كله لا يستحقن أن يخرج أحد للدفاع عن كرامتهن.
سيتغير كل هذا عن قريب إن شاء الله وستنتشل الثورة المرأة من هذا السجن الذي وضعت فيه منذ عهود طويلة، والتغيير اليوم سيكون من صنعها، من صنع ثورة الرند وناتج عن قناعتها وطموحاتها وأحلامها التي كبلها النظام في أدراج المكاتب وطيات المشاريع الوهمية والشعارات الزائفة.
لقد أعجبني كثيراً تسمية ثورتنا بثورة البن، فكثير من الثورات اتخذت تسميات مشابهة: ثورة البرتقال، الياسمين، اللوتس ونساء ثورتنا تستحق أيضا تسمية خاصة بهن وأنا أشبه نساءنا بـ "الرند" وهو شجر جميل طيب الرائحة اتخذه الأقدمون رمزا للنصر..
وهكذا هن نساء ثورتنا جميلات طيبات الرائحة بأخلاقهن العالية وسمعتهن الطيبة، وهن أيضا سيكن رمز النصر لهذه الثورة التي تعد أول ثورة يمنية تشارك فيها المرأة بمثل هذه القوة، وكل امرأة وفتاة وطفلة هي رندة -مفرد رند– في هذه الثورة سواء حضرت إلى ساحات التغيير والحرية أو منعتها الظروف، فاكتفت بصنع الطعام والحلوى لإخوانها وأخواتها الثائرات وأرسلتها محملة بالدعاء.
كل النساء في ساحات الحرية والتغيير يستحقن ألف تحية ووسام وهن كثيرات بالآلاف وهن جميعا رائدات يحق لآبائهن وأزواجهن وأبنائهن أن يفخروا بهن. ومن المشاهد التي شدتني في الساحة امرأة كبيرة في السن تجاوزت السبعين شاهدتها يوم جمعة الرحيل، كانت تضع سجادة الصلاة فوق رأسها وفي يدها الكرت الأحمر المكتوب عليه "ارحل"، كانت تلوح به وعندما حاولت أن أصورها ابتعدت خجلى.. لا زالت هذه الرائعة تشعر بالخجل من التصوير رغم كبر سنها وأنا أستميحها عذرا هنا لأني وضعت هذه اللقطة العابرة على صفحتي في الفيسبوك، ذلك لأني أفخر بهذه الأم العظيمة التي حضرت إلى الساحة لتشاركنا هذا التحول التاريخي الحضاري العظيم، فعماذا يتحدث هؤلاء الذين أفلسوا خارج الساحات.
المثير للاشمئزاز كما ذكرنا، أن هناك من لا يخشون الله في أعراض ولا حرمات كانوا يرمون النساء في الساحات بأحاديث إفك كثيرة، كنا نستنكر حقا كيف تجرؤوا أن يلصقوها بأخواتهم؟ واليوم لم نعد نستغرب عندما عرفنا كبيرهم الذي علمهم السحر، وإذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص!!.
أما إخواننا في ساحات التغيير والحرية فإنهم يرقصون، لكنهم يرقصون بكل رجولة للحرية والعزة. إنها رقصة التحدي، فهل تستطيعون أن ترقصوا مثلهم ، و يا من تتملقون النساء بحسب مصالحكم، هل تستطيعون أن تخرجوا يوما واحدا نصرة لهن كما فعل أبطال الثورة في شارع بغداد، مواجهين دون سلاح وبشجاعة وبسالة (أتحدى أن تملكوا ذرة منها) رصاصكم الحي ومدرعاتكم ومياهكم القذرة قذارة أنفسكم وأفكاركم، هذا هو حالهم في المواجهات: لا يخشون أحدا غير الله وهم يذكرونه في كل لحظة حتى وهم يرقصون على إيقاعات أناشيدهم التي تؤجج الحماس فيهم وفينا بكلمات الاستعانة بالله على هزيمتكم وقهر ظلمكم وإزالة فسادكم.. كلمات تزيد من عزيمتنا.. تزيد ثورتنا اشتعالا، أما صلاتنا فليست كأي صلاة، فهل تعرفون أنتم معنى صلاة المودع؟
نحن نعرفها، رجالا ونساء، نصليها في الساحة، فهل تستطيعون أن تخشعوا مثلنا وتثقوا أن الله معكم وأنكم منتصرون مثلنا؟، أجزم أنكم لا تستطيعون لأنكم لستم مثلنا، لن تخشعوا ولن تثقوا بالله لأن الله لا ينصر القوم الظالمين. أنتم لستم مثلنا لذلك أفلستم وليس لديكم عمل اليوم إلا الانتقاص منا وقذفنا بكل حجر. نحن خير النساء رند الثورة، امكروا كما تشاؤون «ولن يحيط المكر السيئ إلا بأهله».
عن المصدر أونلاين

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد