كان ينبغي أن يترك التعليم وشأنه في مرثية الثورة المختلطة التي لا نعلم إلى الآن من هو المحرك الأساسي لها هل هو "القدر، المصلحة، الظلم، التقليد الأعمى لثورات مجاورة"، إلى الآن والأغلبية لا تعلم شيئاً عن أي شيء، لأن كل شيء أصبح لا شيء.. وهكذا.
لقد كان التعليم أعمى عن تكنولوجيا رقمية تسير بسرعة الصاروخ في جميع أنحاء العالم وربما حاولنا كثيراً إزالة المياه السوداء من عينيه وصنع نظارة مناسبة لوضعه المتردي، لكننا كنا كمن يبذر في رمالٍ متحركة.
واليوم لم يعد التعليم أعمى فحسب، بل أصبح أصماً أبكماً بعد أن تدخلت الأطماع والظنون وسوء استخدام السلطة وسوء ترشيد الوطنية أيضاً إلى حقل التعليم، فجعلته ملغوماً بالأحقاد والضغائن والشرور المضمرة في نفوس منتسبيه والضحية طبعاً هم الطلاب والطالبات الذين يفترض أن يجدوا في المدارس قدوتهم المفقودة في المنازل والشوارع والحارات وحتى المنابر.
ولسان حال التعليم اليوم يقول "فكة من مكة" وبدلاً من أن يتسرب الأولاد من فوق الأسوار وتتغيب الطالبات بحجة الألم الأنثوي المرير في كل شهر، أصبحوا يتسربون من الأبواب المشرعة جهاراً نهاراً وعلى رأسهم المدراء والمعلمون ومن لا يترك المدرسة يتعامل الجميع معه معاملة الخارج عن الدين والملة.
لقد شوهتم معنى السياسة والحرية والثورة والتغيير في عيون أبنائنا وصارت كل هذه المفاهيم السامية الثمينة تحتضر لديهم في لفظ واحد أوحد وحيد وهو "البلطجة" هل تدرون لماذا؟ لأنكم مارستموها فعلياً بكل تفاصيلها في شوارع المدن ومدارسها، ريفها وحاضرها، فما الذي ننتظره من جيل جديد يرى أن قيمة الوطن لا تتعدى ألفين ريال يمني.. يمني.
وإن معنى الثورة قنص الأرواح البريئة وأن الحرية يمكن أن تشترى بتخزينة قات وزجاجة كندا محلي؟ وأين؟ على أقرب رصيف يعج بالذباب الزاحف!.
أيتها الطفرة المتحزبة يا من حملتم أعتاقكم أوزار القوم عنوة لا أنساكم الله طعم الجراح ما حييتم، فقد استخدمتم أبنائنا وقوداً لفتنة لم يستفد منها أحد إلا أعداء الوطن في الداخل والخارج.
ماذا أسقتكم عشوائية الثورات إلا الدم، ماذا أطعمتكم إلا الردى؟.. قولوا لمن يقف خلف الكواليس أن يكون في المقدمة، قولوا له أن يوفر أمواله التي تشتري ذمم الناس لينفع بها الوطن، قولوا له أن يترك مصالحه ليتنقل من خيمة إلى أخرى عابثاً بالقيم واسألوه هل يسمح لأبنائه وبناته وزوجته أن يغادروا المنزل أو يهجروا المدرسة؟!.
لا تصدقوا هؤلاء حين يتحدثون عن الوطن، هم يبحثون عن قاطع طريق، قاتل مأجور، عاطل متسكع.. ليلبسوه بندقية أو حزاماً ناسفاً أو يلقموا راحتيه بندقية.. وإن كنتم تؤمنون أنها سلمية فأعلنوا استقالتكم عن كل طاغية صغير يقودكم كالنعاج أضحية لعيد لم يكتمل نصابه.
ألطاف الأهدل
التعليم.. فكة من مكة! 3779