بدأت محافظة عدن بتنفيذ العصيان المدني منذ حوالي أسبوع وقد لاحظت أن هناك من يطبق هذا العصيان بصورة خاطئة ليس حباً ورغبة في الوقوع به وإنما لجهل الكثيرين بالمعنى الحقيقي للعصيان المدني وأنا هنا لا أدعي المعرفة، فقد كنت كذلك أجهل معناه الحقيقي وبقليل من الاجتهاد تمكنت من الحصول على المعنى الحقيقي للعصيان وعليه قررت كتابة مقالي ليعرف الشباب المعنى للعصيان وماذا يراد منه.
فالعصيان المدني كمصطلح أول من استخدمه هو الكاتب الأميركي "توراو" عام 1849م وظهر كمفهوم في ظل التقاليد الليبرالية والإنسانية التي سادت الأنظمة، حيث كانت الأقليات والفئات المضطهدة تلجأ للعصيان المدني لإسماع صوتها، وهو نوع من أنواع المقاومة وهو أكثر فاعلية وتأثيراً من بقية أشكال المقاومة المعروفة كالإضرابات والمظاهرات والاحتجاجات التي وإن كانت ذات فاعلية مباشرة إلا أنها تعتبر أدوات تستعملها الأحزاب السياسية للضغط على الفئة السياسية الحاكمة.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن على ضوء الأحداث الجارية في اليمن هو: هل العصيان المدني قانوني أم لا؟ طبعاً من وجهة نظر المؤيدين لبقاء الرئيس، فهو غير قانوني، أما الرأي الصحيح هو أنه قانوني ومشروع.
فكلنا يعلم أن المجتمع اليمني يعتز باقتناء الأسلحة بأشكالها، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك أثبت للعالم أجمع على أنه شعب يتمتع بقدر عالٍ من المسؤولية وأنه شعب بطبيعته ينبذ العنف ولن يلجأ إليه، بالرغم من محاولة إقحامه من قبل السلطة في حرب أهلية ومع تزايد عمليات القمع والقتل واستخدام العنف من قبل السلطة على المتظاهرين والمعتصمين، فقد تم اللجوء لتنفيذ العصيان المدني كبديل للعنف المسلح.
فهو لغة للتعبير من خلال أنشطة المقاومة السلمية، فيكون عن طريق جماعة منظمة تهدف إلى ممارسة ضغط على السلطة لإجبارها على رد الحق بالأصح إحقاق الحق المطالب به ومن أجل انصياع السلطة لمطالبهم، لذلك يجب أن يكون العصيان المدني الذي ننفذه موضوعاً وفق برنامج بناء من شأنه أن ينتصر، طالما وأنه يطبق وفقاً لمبدأ نبذ العنف والفوضى.
وحتى تنجح مثل هذه المقاومة يجب أن تعمم كافة محافظات الجمهورية، بذلك سيكون لها تأثيراً كبيراً وسريعاً، وإذا ما نجحنا في تعميم العصيان المدني بشكل عام سوف نثبت أننا شعب نتمع بوعي سياسي.
عموماً إذا لم يؤت العصيان المدني النتائج المرجوة منه، علينا ألا نيأس وإنما علينا ابتكار أسلوب آخر للمقاومة.