(1)
قالت لي : أحِبُّكْ
قلت لها : يبدو أننا لن نتفق أبداً
ردّت باستنكار : وَلِمَ ذلِكْ ؟!
أجبت : ببساطة لأنكِ أحببتِ ما كرهتْ !!
(2)
أستاذي المصري ذات مرة وبعد أن كان يمتدحني دعا قائلاً : ( كسّر ) الله منك في عباده الصالحين .
ولسوء فهمي دعوتُ مسرعاً : اللهم أجعلني عصاً لينّة على عبادك الصالحين .
من المشهدين (1) و (2) يتجلى واضحاً التضاد والتناقض بين وجهات الناس حتى وإن ساد تلك الوجهات بعض من الامتداح والمجاملات .
فالمشهد الأول بيّن لنا تماماً عدم تقبل الطرف الثاني ما قاله الأول برغم أن مشاعر الأول كانت صادقة والتي تدل على أن كلامه يعتبر الأصح ، أما عن المشهد الثاني فبرغم الانسجام بين الطرفين إلا أن التناقض كان مدسوساً بينهما كالسمّ والدليل هو تقبل الأول كلام الثاني دون أن يعي المقصد .
هذه هي حالتنا في الوضع الراهن بل والذي فيه مؤخراً أختلط الحابل بالنابل ، فلن أخصص منطقة واحدة أو جغرافية معينة دون الأخريات ، حيث أن التضاد الذي قصدته إنما هو معمم على الأمة العربية ككل ، فأصبح هذا أكثر ما يثير الدهشة بل ويؤدي للوصول بالعقل إلى مرحلة لا يحمد عقباها وأخص هنا أصحاب العقول المتواضعة التي تتقبل كل ما يصل إليها .
ففي ظل الثورات العرمرمية المعاصرة أعتقد أن الأطراف والأحزاب المتباعدة والمتضادة سابقاً تماسكت حالياً وتقاربت فزاد التضاد ، وهذا ما مثله لنا المشهد الثاني رأس هذا المقال ، لا أدري لِمَ انتابتني هذه الوجهة حالياً ولأنني لستُ في مقام ذكر تلك الجهات والأحزاب وتسميتها علناً أستطيع القول أن أبرز ما أفرز هذه الوجهة هي أن الـ(أنا) لم يكن أصلاً منحازاً لفئة دون الأخرى سابقاً لكي يحترم فئات حالياً ، لذلك فإن ذكره أسماء تلك الجهات الآن سيجعل كل من يتبع أي جهة منهن تتهمه بالإنحياز برغم أنه وحتى اللحظة ما زال محايداً.
وبما أني الآن في مقام التخصيص فسأخصص اليمن حالياً ، وعودة لجزئية تضاد الجهات، فأذكر بأن اليمن وحتى فترة قريبة جداً كانت تحتوي أكثر من "6" فئات والآن أصبحت فئتين أي أن المشهدين الأول والثاني/ اللذين ذكرتهما بداية مقالي قد تمثلاّ هنا وبأحسن صورة ، فالواضح أمامنا بأن اجتماع تلك الجهات والأحزاب بأكملها هو أن المصلحة أصبحت مشتركة ولكن هي مصلحة مؤقتة إلى أن تأخذ كل جهة ما تريد فتعود لِما كانت ، وهذا هو أساس المصيبة .
السؤال الذي راودني بل وأرهق فكري هو: إذا ما وصلت تلك الفئات على حدٍ سواء إلى ما أرادته من مطالب وكلنا على دراية بها ، هل سيبقى ذلك الانسجام فيما بينها أم أنهم سيتضادون ويعودون للأيام الخوالي ؟!
لعلّ الأيام تبيّن لنا الإجابة !!