إن الحكم والإمارة أمانة وتكليف وهم وخوف على من تولاها، لأنه يعلم أنه مسؤول عنها يوم القيامة أمام الله الذي لا تخفى عليه خافية.
فترى الحاكم العادل الذي يخاف الله (إذا أتاه الله الملك) جعل نفسه خادماً لأمته، عاملاً عند رغبتهم، متلمساً لحاجتهم، مدافعاً عن حقوقهم، حامياً لحدودهم، يجوع ليشبعهم، يتألم لآلامهم، يسعى إلى تحقيق أمالهم, فتراه مهموماً طيلة حكمه، مشتتاً فكره، مشغولاً عقله، وجلاً قلبه مرتعدة جوارحه, يتمنى في كل لحظه أن يسلم الحكم لغيره ويرتاح من حمل الأمانة, فما رأيكم في هذا الحاكم، ماذا سيفعل إذا طلب منه الشعب التنحي؟!.
أما الحاكم الظالم فإنه ينصب نفسه ملكاً على الأمة، مالكاً لحقوق الأمة.. فيجعل الشعب له خدماً عنده عمالاً وأجراء لا يعصون له أمراً ولا يخالفون له رأياً، لا يهمه ما يصيبهم ولا يشعر بجوعهم ولا يمسح دموعهم، جيوش الوطن لحمايته وحماية أسرته وأملاكه وأمن الوطن حارساً له ولأسرته وأملاكه، فالأرض أرضه والجيش جيشه والأمن أمنه والشعب عبيده, من أراد العيش على هذا الحال صبر، ومن أراد المطالبة بحقوقه قتل، ومن لم يحتمل لا هذا ولا ذاك رحل إلى وطن مجهول، لعله يجد فيه ما يسد حاجته.. ذلك الحاكم اتخذ من الأرض مزرعة له ولأسرته وذويه, أضاع رعيته فأحرمهم حقوقهم, أباح حدودهم وسيادة وطنهم لا يشعر بآلامهم ولا يحقق آمالهم يتمنى في كل لحظة أن يطول عمره ليزداد ظلمه، عميت بصيرته ومات قلبه وتعطل عقله.. فأصبح يرى أعماله حسنة وأقواله حقيقة يستبيح الدماء ويأكل الحرام ويدافع عن الباطل ويحارب الفضيلة وينشر الرذيلة لا يتنازل عن الحكم إلا إذا انتزع منه انتزاعاً – فهل عرفنا ما الذي يجعلهم يتمسكون بالحكم ويرفضون التنحي عنه؟!.. إن الفرق شاسع بين طالب الدنيا وطالب الآخرة.
أخيراً: اللهم آتِ ملك هذا الوطن المعطاء لمن تحبه وترضاه وأجعل للشعب اليمني من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، وأبدل خوفنا أمناً وفقرنا غنىً وضعفنا قوة وتمكيناً.. آمين اللهم آمين.
