قطعاً إن جل الشباب الواعي المعتصم في ساحات الحرية والكرامة والتغيير يرفض رفضاً قاطعاً ولا يقبل ويدين ما يحدث في محافظة صعدة ومحافظتي الجوف وأبين باسم ثورة الشباب السلمية.. ويدرك الجميع أن هذه الأعمال الطائشة لا تخدم ثورتنا بقدر ما تؤلب على هذه الثورة الرائعة والأنيقة بسلميتها، الفرقة الصامتة التي لازالت ترقب الوضع وتتوق للتغيير بطرقه السلمية الثورية بعيداً عن أعمال العنف والاستيلاء على الممتلكات العامة كما حدث في الثلاث المحافظات سالفة الذكر وبالأخص ما حدث ويحدث في صعدة وأبين..

أجزم أن معظم الشباب في ميادين العزة المنافحة ضد الظلم والطغيان والفساد والاستبداد لم يستوعبوا بعد ولن يقبلوا أن يتحول تاجر السلاح فارس مناع في طرفة عين وحركة انقلابية وتنصيب روحي إلى محافظ، كما لا يقبل هؤلاء الشباب أيضاً أن يتحول أحد قادة التمرد الميدانين "أبو علي الحاكم" في ليلة وضحاها إلى مدير أمن لمحافظة السلام.. فكيف لهكذا شخص ينشط في تجارة آلة قتل، أن يحافظ على مصالح وحياة أبناء المحافظة ومن يقصدونها، وأنى لشخص فر من سجن البحث الجنائي ـ في مشهد مسرحي سخيف ـ ومتهم بعديد قضايا أقلها تندرج ضمن ا لجنائية الجسيمة، "عبدالله الحاكم" أن يحافظ على أمن صعدة وأرواح مواطنيها الذين استاؤوا كثيراً من الدور الذي لعبه هذا الشخص بصعدة منذ ما بعد الحرب الرابعة، وحتى ما قبل ثلاثاء مغادرة المحافظ وبمعيته "قراطيس" البنك المركزي التي حُملت على مروحيتين، فقد لعب "أبو علي الحاكم" في هذه الفترة كـ"عامل للإمام" ـ حلوة هذي الإمام ـ عبدالملك الحوثي وبصلاحيات واسعة جداً تبدأ بإصدار الاستدعاءات "الإحضار" ولا تنتهي بالحكم إلا عند التنفيذ..

أدرك جيداً أن ثمة امتعاضاً كبيراً لدى شباب كثر أيضاً مما يدور في أبين الحبيبة وجوفنا الخاوية من أي نظام وقانون منذ وقت مبكر، وإدخالها في حالة الفوضى التي يركن إليها هذا النظام الفاسد والحاكم المستبد.. فما يحدث في أبين أيقن أن لهذا النظام الجزء اليسير من فعله، وهنا أدعو اللواء الركن/ صالح الزوعري –محافظ أبين- وبحكم موقعه الأمني السابق والأمين العام/ ناصر الفضلي إلى عقد مؤتمر صحفي لكشف ملابسات الحادث الإجرامي البشع الذي استهدف مصنع "7أكتوبر" للذخيرة بخنفر، الذي خلف عشرات الشهداء والجرحى، ومن الذي سمح للمعنيين وحراسته بالانسحاب منه؟ ولماذا لم يتم التعزيز لحمايته؟ وادعوهما أيضاً للاستفادة من الملفات الأمنية الخاصة بثلاثة عناصر خَبرت الإرهاب بالأوامر السلطوية المباشرة، والكشف للعالم كيف لهذا الثلاثي المرعب أن تحول بعد زيارة واحدة فقط إلى صنعاء من أخطرا لعناصر، فأحدهم تحول إلى شخص نادر جداً في الإرهاب ويتم الاستعانة به وقت الشدائد، والثاني تحول من شخص "صايع" إلى شخص لديه أرصدة دائنة، أما الثالث فقد غدرت به نفسه الأمارة بالسوء حين تم استدراجه بفعل قبيح.

المهم في الأخير أقول إن ثمة قليلاً من الشباب لا يوافقني الرأي أو قد يوافقني بامتعاض وحسرة وتحفظ ويخاطب نفسه وغيره بأن الوقت لا يسمح لنبش هكذا ملفات وملاحظات على الثورة الشبابية السلمية، ولكن أقول إنه إذا لم يتم تصويب مسار الثورة في وقت مبكر ومتى ما تواجدت الأخطاء أو من يحاول أن ينحرف بمسار سلمية الثورة التي لا تؤمن مبادؤها إلا بكل ما هو نقي وتقي ويحلم شبابها بروعة صبحٍ يشدو طرب فعل خلاق لا مكان فيه للعلعة الرصاص أو حتى الضرب بأعقاب البنادق.. شبابها يحلمون بمساواة وعدالة يأتي بها القانون والدستور لا من يدوس على القانون والدستور.. شباب ينشدون حرية للقوي والضعيف على حدٍ سواء، لا حرية يستقوي بها القوي على الضعيف، تعيدنا إلى قانون غاب النظام، وإلا فإن ثورة شبابنا ذات المعاني الجميلة والأهداف النبيلة ستكون مغدورة.. مغدورة.. مغدورة.