شعار صغير، كبير المعنى، رفعته عالياً ثورة الجماهير الشعبية في تونس ومصر وليبيا ووصل إلى مدن الوطن، ولكن لماذا رفُع هذا الشعار اليوم كمطلب أساسي للجماهير الشعبية العربية، ولم يُرفع طوال سنوات سيادة الأنظمة الحاكمة للحزب الحاكم باسم النهج الديمقراطي الذي يصنع الأغلبية في كل انتخابات 99.9% وإقصاء المجتمع من المشاركة الحقيقة في سلطاته ليخلق فساد بعدد المليارات ونهب الثورات، ويخلف الجوع والفقر والبطالة والظلم لغالبية الشعب؟!.
في بلادنا لم يكن شعاراً مقلداً مستورداً حديثاً، بل كان جوهر الخلاصة لتحليلات توصلت إليها عقول مفكرينا ومثقفينا في مناقشاتهم بالمنتديات الثقافية بعدن خاصة وصنعاء وتعز، بأن النهج السياسي السائد للنظام هو السبب الرئيسي في خلق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتدهور كل ما يرتبط بالحياة المعيشية للشعب وسلب حقوقهم الوطنية وأعجزتهم عن العيش بحرية وكرامة، وعن التمايز والتمزيق لوحدة الشعب والوطن، وقد كانت أرقى وأفضل قبل تحقيق الوحدة اليمنية نسجتها تطلعات وطموحات كبيرة، أطاح بها النظام بعيداً إلى الدرجة التي جعلت الشعب يحمل الوحدة لانتظام كل الأسباب التي أحاقت بحياتهم من كوارث وتخفق صرخاتهم من طائلة المظالم والسلب لحقوقه ونهب ثرواته.
كان ذلك قبل عدة سنوات مضت ويتنكرها الجميع، ولكن كان الخوف وإرهاب النظام طاغياً في كبتها، وأعمت المؤيدين العمياني للنظام من تقبل الحقيقة بعدم الإصغاء والفهم للحقائق الماثلة بوضوح أمامهم تنخر كل بينان النظام، وظلوا يبررون ويصرخون "معنى هذا تريدون إسقاط النظام"؟! وساعد هذا الرد إلى إهمال المطالب الحقوقية للشعب، ومواجهتها بالعنف المفرط، ليرتفع سقفها إلى الانفصال والفيدرالية وغيرها.
وظل الوطنيون ينشدون دوماً حرصاً على وحدة وتلاحم الشعب والوطن إلى ضرورة تغيير النظام الذي يتحمل كامل المسؤولية في أسباب الأزمات الاقتصادية الاجتماعية والسياسية، والتخلي عن القيام بتنفيذ مهمات وظائفه الأساسية، في توفير الغذاء والعمل والسكن والصحة والتعليم، وخلفت الجوع والفقر والبطالة والغلاء والفساد والمظالم، وأدت إلى الإخفاق في تحقيق أهداف الوحدة خاصة، وهيأت تلك الظروف والعوامل لتصحيح الوضع السياسي للنظام، ولكنهم ابتعدوا بالعمل عن التغيير عن الإنفاق على شعارات اليمن أولاً.. والحكم أولاً، ولقمة عيش المواطن والبطالة عاشراً وبلا رقم أو حماية؟! ومع اقتناع ممثلي النظام في اللجان التي طافت المحافظات بتلك الاختلالات، إلا أن دعوات الوطنين والوحدويين لم تلق استجابة حقيقة من النظام للمضي قدماً إلى تحقيق أهداف الوحدة اليمنية في بناء دولة المتجمع المدني، التي لن تحقق من دون تأسيس أركان نظام وطني ديمقراطي يمثل إرادة الشعب بالمشاركة الواسعة لكل مكونات المجتمع في كل السلطات لدولة مدنية حديثة، تلبي مطالب الشعب وتوفير احتياجاته ومع عدم القبول بذلك أدى إلى رفع سقف مطالب الجماهير الشعبية إلى هذا المدى بإسقاط النظام.