شتان بين الثورة المصرية التي أسقطت نظام حسني مبارك والثورة اليمنية التي تريد إسقاط نظام الرئيس/ علي عبد الله صالح , وهناك فرق شاسع بين نظام مبارك ونظام صالح , لكن ما أتمناه أن ينهج الجيش اليمني نفس السلوك الذي نهجه الجيش المصري في حماية المعتصمين وكافة الحقوق والممتلكات العامة والخاصة داخل البلاد.
فخلال الأيام القليلة الماضية أصاب الذهول كافة أبناء اليمن وهم يسمعون ويروا نظام الرئيس ورموزه يتساقطون كأوراق الخريف.
كما جاء في خطابه الأخير فالاستقالات لم تكن من عضوية وقيادة الحزب الحاكم فحسب بل وصل الأمر إلى استقالات من مناصب حكومية عليا , رغم الفوضى التي صارت تعم دهاليز الوزارات وفروعها في المحافظات من غياب معظم العاملين والصرفيات وغيرها, ورغم الصرفيات المهولة التي تقوم بها الدائرة المالية للحزب الحاكم في محاولة يائسة لإخلاء ساحات الاعتصامات التي تتوسع يوماً بعد يوم من المواطنين , أو إقامة اعتصامات ومظاهرات أخرى يتم فيها حشد الموظفين ورؤساء فروع الحزب الحاكم والقيادات المحلية والتنظيمية وطلاب المدارس وغيرهم من المنتفعين الذين يغادروا تلك الساحات والمظاهرات بأقصى سرعة في الوقت الذي تستمر فيه عملية الصرف على ذمة تلك المخيمات وهي خاوية , أشبه بالإطلال ولا أحد يدخلها سوى المنتفعون الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد ويصبح بقاء تلك المخيمات من باب المكابرة وبهدف استمرار الصرف للمبالغ المهولة.
يتساءل الكثير من المواطنين وحتى من قيادات وكوادر الحزب الحاكم , لماذا في هذا الوقت الحرج الذي يمر به النظام تغادر قياداته مواقعها إلى غير رجعة وكذا بعض المواقع في الوظائف الحكومية ؟ الجواب يأتي من الشارع , من وسط ساحات التغيير التي تمتلئ بالآف المواطنين والشباب في مقدمتهم وحتى النساء يجمعهم هدف واحد وشعار واحد ووطن واحد , وهذا ما حدث في الثورتين السابقتين بتونس ومصر , لكن النظام اليمني الحالي كان أكثر هشاشة من نظامي حسني وبن علي لأن تلك الأنظمة فهمت الشعب ومطالبه ولو بعد حين , لكن نظامنا رغم أنه فاهم منذ سنوات مضت كيف تدار البلاد وماذا يواجه المواطن العادي ويعاني منه , رغم فهمه السابق أن البلاد تمر من السيء إلى الأسوأ وتدار شؤونها بالوساطات والمحسوبية والقلبية والارتجال في اتخاذ القرارات والعشوائية والتخبط في رسم الخطط وتنفيذها واللامبالاة من النتائج المستقبلية لمثل هكذا ممارسات وإجراءات ما دام الشعار الذي تعمل به القيادة على طول (ما بدى بدينا عليه).
أن هشاشة النظام هي من جعلت تلك القيادات التي خرجت عام 2006م إلى الميادين تناشد الرئيس بشعار [أكمل المشوار] تعلن اليوم استقالاتها من الحزب الحاكم وإدارة بعض المرافق والمؤسسات الحكومية , وما الذي يمكن أن يقدمه اليوم النظام ومن تبقى من رموزه للحفاظ على ماء الوجه سوى تقديم المزيد من التنازلات ولكن في الوقت الضائع بعد شهر من الاعتصامات المفتوحة وعشرات القتلى ومئات الجرحى , أو الانتحار على مداخل ساحات التغيير والحرية في العاصمة ومختلف محافظات الجمهورية بارتكاب المزيد من المجازر الدموية والمكابرة حتى الفتنة وكذا انتهاك الحريات والحقوق والإعراض والكرامة باسم قانون الطوارئ وكلها بالطبع تعجل بالسقوط المريع في الوحل لنظام ظل الشعب اليمني يمجده عشرات السنين
عبدالوارث ألنجري
النظام الهش .... 1818