منذ فترة ليست بالقصيرة أحجمت عن الكتابة في الشأن السياسي وفضلت الراحة الذهنية بعيداً عن ( وجع الرأس وعوار القلب وسين جيم ) واتجهت إلى الشأن الثقافي المتعدد الوجوه ، إلا أن تداعيات وخلفيات التطورات التي شهدتها مملكة البحرين أوجبت علينا أن نشير إلى بعض الحقائق التي غفل عنها الكثير في الجزيرة والخليج وعموم المنطقة على السواء                                                                      .
فالمتتبع للأحداث التي تشهدها البحرين يجد أن هنالك مخططاً محكم الخطوات ودقيق الإخراج منذ فترة بعيدة لسلخ البحرين من الجسد الخليجي العربي ليصبح هذا البلد ضمن المناطق العربية التي خطفت من جسد الأمة العربية وأضحت تحت الاحتلال الفارسي سواء الاحتلال العسكري المباشر كما هو حال الجزر الإماراتية ( طنب الكبرى والصغرى وأبوموسى ) ومنطقة الأهواز العربية وما جاورها أو الاحتلال السياسي كحال لبنان وسوريا ومحافظة صعدة في اليمن أو الاثنين معاً – العسكري والسياسي – كما هو حاصل اليوم في العراق !                                            
هذا المخطط اللئيم تم رسمه في الثلث الأخير من القرن الماضي وتعزز أكثر بعد قيام الثورة الإيرانية بقيادة الخميني وتم رصد الدعم المالي واللوجستي لتحقيق المخطط وتنفيذه عملياً في دول الخليج العربي خاصة والمنطقة عامة .
وما يهمنا هنا هو الوضع في البحرين ففي عام 1911م كانت نسبة الشيعة في البحرين لا تتجاوز 30% في حين وصلت عام 2009م إلى أكثر من 55% وذلك بفضل الدعمين السالف ذكرهما !!
منذ سبعينات القرن الماضي وحتى تولي الملك/ حمد بن عيسى آل خليفة ـ مقاليد الحكم يوم "6" مارس 1999م وهذه الفئة تطالب بالانفتاح السياسي وتعديل الدستور وإجراء انتخابات حرة وإطلاق سراح السجناء السياسيين ، وبالفعل فقد تحقق لها ما لم تكن تحلم به، حيث اتخذ الملك خطوات إصلاحية متتالية فأطلق سراح جميع السجناء السياسيين وأصدر عفواً عاماً شمل كل المعارضين في الداخل والخارج ، بل تم تعيين عدة قيادات كانت معارضة في الخارج في مراكز قيادية ومن ضمنها د/ مجيد العلوي ـ الذي كان ضمن "73" شخصية خططت لإسقاط النظام البحريني عام 1982م ، كما تم صياغة عقد اجتماعي بين السلطة والشعب – ميثاق العمل الوطني – وتم التصويت عليه من قبل الشعب في 14 فبراير من العام 2001م وبنسبة 98.4 ودخلت البحرين مرحلة جديدة في الحياة السياسية.                                                              
ملف "البدون" هو الآخر تم إغلاقه نهائياً حيث صدر مرسوم ملكي بتجنيس البدون جميعاً وكلهم ينتمون إلى الطائفة الشيعية- ولو كانوا من الطائفة السنية لقامت الدنيا ولم تقعد - وأجريت انتخابات حرة حصلت الطائفة المعارضة على رقم لم يكن في حسبانها أو حتى حلمت به ,ونال الشيعة في البحرين ما لم ينله السنة المعارضون هناك !         !
ومع تطور الأحداث الأخيرة في الساحة البحرينية ينبري المدعو/ حسن نصر الخميني – أقصد حسن نصر الله – من على شاشة الإعلام الفارسي الناطق بالعربية ليندد ب ( التدخلات الأجنبية )- وضعوا تحت كلمة أجنبية ألف خط وخط –ويقصد هنا دخول بعض قوات "درع الجزيرة" إلى البحرين !!وفي الوقت نفسه يوصي عبيد إيران – عفواً أقصد الأحرار في البحرين بالصبر والثبات ....الخ ، مع أننا لم نسمع ـ حسون ـ حسن نصرالله يطلق العنان لمثل هذا الكلام أثناء دخول قوات الحرس الثوري وفرق الباسيج إلى العراق العربية لإبادة الشعب هناك وقبل هذا ألم يكن السيد/ حسن نصر الله أكبر المعارضين لخروج القوات السورية من لبنان بحجة أن وجودها يعزز الأمن والاستقرار في لبنان ، ثم لماذا لم نسمع انتقادات السيد ذاته عما يجري من سحل واعتقال وتعذيب للمتظاهرين في شوارع طهران ؟ كل ما سمعنا عن المتظاهرين في إيران من نصر الله وأشباهه أنهم مجرد عملاء وخونة ( للأمة الإسلامية الفارسية )ويستحقون الإعدام !!! لماذا الكيل بمكيالين يا سيد حسن ؟!!! في إيران عملاء وخونة ويستحقون الإعدام وفي البحرين أحرار وثوار !! في لبنان كانت القوات السورية لحفظ الأمن والاستقرار وفي البحرين قوات درع الجزيرة احتلال !!إنها قسمة ضيزى يا حسن نصر الله.                                                                 
أظفى حسن نصر الله صفة ( السلمية ) على المشاغبين في البحرين ولا ندري هل يتابع الفضائيات أم أنه لا يرى ولا يسمع إلا قناة "المنار والعالم والكوثر والقنوات الإيرانية الأخرى"؟!! ألم ير حسن حسون أولئك الذين يصفهم بالسلميين وهم يدهسون أحد المواطنين ويغتالون فرحة طفولة أبنائه ؟                                                
ألم يشاهد حسن أولئك – المسالمين الأبرياء الأتقياء المؤمنين – وهم يجرون شرطياً كان يؤدي واجبه ويطرحونه أرضاً وينهالون عليه بالضرب المبرح ؟!!                 
ألم يعلم السيد حسن أن ( المؤمنين ) هجموا على شرطي وهو يؤدي صلاته ويجرونه إلى الساحة – السلمية – وفعلوا به ما لم يفعله شارون ؟!!                                   
ألم يشاهد السيد حسن ما فعله المؤمنون السلميون بالضعفاء من الجاليات العربية والأسيوية في البحرين ؟!!                                                                        
ألم يعلم السيد حسن ما فعله العبيد – عفواً الأحرار بمستشفى السلمانية ؟!!              
وحسناً إن حسن لم يعلم كل ذلك لأنه ربما لو علم لأعلن قيام جمهورية البحرين الإسلامية الفارسية.                                                                                   
أما هادي المدرسي فقد تجاوز الحد لدرجة أنه كفر ملك البحرين ووصفه بالطاغية، هذا علاوة على التصريحات الرسمية المتشنجة لمسؤولين في الصديقة إيران والذي ننصحهم بالكف عن البطش والتنكيل الممنهجين للشعب الاهوازي العربي ، كما ننبه هذا النظام إلى الكف عن التدخلات السافرة في شؤون الخليج الداخلية وإلا فإننا لن نقف متفرجين على هذه التدخلات الفارسية السافرة والفجة .                               
صرح المعمم( الكناني) لأحد الفضائيات وبصريح القول ( نسعى للسيطرة الإسلامية على الكويت والبحرين والسعودية وكل دول المنطقة.. )                                   
 نقول للذين جن جنونهم وقامت قيامتهم بعد وصول بعض من قوات درع الجزيرة إلى البحرين نقول لهم: ستظل دول الخليج منظومة واحدة وجسداً واحداً منسجماً في المسير والمصير فلا تتعبوا أنفسكم وعليكم الالتفات إلى شعبكم المقهور الذي لا يجد ما يسد رمق جوعه في حين المليارات تصرف على تكديس الأسلحة ودعم الحركات الموالية في الخارج وأثبتت دراسة أن الميزانية الإيرانية يصرف منها 30 % على التنمية في حين يصرف 70% على التسليح ودعم التوسع الفارسي في الخليج والمنطقة ككل عبر الحركات الشيعية .                                                                             
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن الطائفية الشيعية لا يمكن أن تتجاوز عقدة ال ( أنا أو الطوفان من بعدي ) وهذا ما أثبته الواقع ودللت عليه الوقائع .                             
وختاماً فإننا نعيب على أناس كانوا محسوبين ضمن العقول التي ألقت بعباءة الطائفية المقيتة بعيداً عنها إلا أنها مع الأسف الشديد لم تكن على مستوى الثقافة التي كانت تتمتع بها ولقب الدكتوراة ووضعت نفسها بعد أحداث البحرين في خانة المرتدين عن الثقافة المستنيرة والإخلاص الوطني .                                                           
وفي هذا السياق فإن رد شعوب دول الجزيرة والخليج على التدخلات الإيرانية في شؤوننا الداخلية يجب أن ينصب في مقاطعة جميع المنتجات الإيرانية وهذا أقل رد على التدخلات الفارسية في المنطقة .                                                                  
                                                               

Alsabahi77@hotmail.com