وقفة:
لم يتصور أحد أن يكون النظام في بلادنا ذا أسبقية مطلقة في قتل المعتصمين بساحات التغيير في أمانة العاصمة وغيرها فقط، بل وكان السباق إلى إطلاق الاتهامات إلى طرف المعتصمين ومن يعارضونه ، وهي بالتأكيد لم تعد معارضة بقدر ما أصبحت مطالبة بالتنحي عن الكرسي ومحاكمة عاجلة قد تسبق من تنحوا وهربوا وتركوا كراسي الحكم في بلدان مجاورة ، ولن تذهب قطرة دم واحدة سدى لنظام يملؤه الفساد ويعج بالفساد والمفسدين ، وينادي بالفساد على الملأ.
حقوق مستحقة:
قال الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا تجوز مخالفة الوالى إلا إذا نادى جهراً بترك الصلاة" والنظام في بلادنا قد يتجاوز ذلك بكثير من خلال تبرير جرائم أنظمته المتخفية وراء الحواجز الأمنية والتي عادة ما كنا نراها عبر شاشات التلفزيون وبالطبع على أرض فلسطين المحتلة وليس ساحات التغيير والحرية في بلادنا، وكل هذا من أجل الديمقراطية والتي تعني ديمومة الكراسي كما قال القذافي الملعون غضب الله عليه وأورده جنهم وبئس المصير ، وعليه فلم يعد هناك مايلزم المحكوم ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولعل قتل النفس المحرمة أكبر الكبائر عند الله ، ولهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم ، وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
واقع مرير:
لا تزال آثار المجزرة التي سقط فيها المئات من المواطنين اليمنيين المطالبين بالتغيير صدمة في النفوس ولعلَّي لم أتمالك نفسي بالأمس وأنا أشاهد بأم عيني قتلى وجرحى وفوضى عارمة خلقتها أيدي السلطة العابثة وبمسميات الديمقراطية الزائفة والرأي الوحيد فقط، أما الرأي الآخر فقد مات وانتقل إلى رحمة الله دون عزاء ولم يسمعه أحد ، مات الطرف الآخر وأباحوا دمه لقناصة استطاعوا قتل أكبر عدد ممكن، وعلى مرأى رأس النظام من على هيلوكبتر، كما ذكر التلفزيون الايطالي وقال ذلك بالحرف الواحد، هي صدمة جعلت القلوب تقطر دماً وتبكي بمرارة الألم، وكل هذا فداءٌ لحرية وطني الغالي .
إعلام الزيف:
ولا تزال قناة "عبدالله بن سبأ" وقناة الفضائية الحكومية اليمنية ، تتحدث عن بعض الجنود الذين لا ندري هل يحتاجون إلى الكثير من الكذب من أجل الحفاظ على كرسي القيادة في أيدي الطغاة ، أباحوا دماءنا وقتلونا في الشوارع وجعلونا نبكي ونحن نحس بالضعف والعجز ، اللهم إنا ضعفاء فانصرنا، اللهم إنا مغلوبون فانتصر ، اللهم إنا مقهورون من بطشهم وأنت العزيز الجبار المنتقم.
جهل لا محدود:
لماذا يعتقد أصحاب المناصب أو حتى الوظائف الصغيرة أنه في حال نجحت ثورة الشباب بإذن الله سيتم ترحيلهم خارج البلد، هل يعتقدون أن هذا هو التغيير من وجهة نظرنا نحن؟، لا بالطبع فالوطن وطن الجميع ولن يعزل أحد من منصبه، فقط باستثناء اللجنة النائمة ومليارات البلاطجة التي تصرف لهم من أجل استمرار مسلسل القتل والقنص والكذب من أجل ديمومة الكراسي، ولعل هذا الاعتقاد بالمقابل خاطئ خاطئ خاطئ ، فلتعلموا جميعاً أن الوظائف ليست وظائف الرئيس والضمان الاجتماعي ليس مكرمة من الرئيس وعن أي ضمان تتحدثون عن مبلغ لا يصل إلى "7" ألف ريال في ثلاثة أشهر ولأسرة مكونة من أكثر من عشرة أيتام ، وعن أي ضمان اجتماعي تم فيه اعتماد أسماء المشايخ قبل الفقراء والأغنياء قبل المحتاجين.
من يعتقد أن القمح الذي تم توزيعه للعسكر والموظفين هبة من الرئيس وهي منحة إماراتية للشعب اليمني ، للشعب والشعب يعني كل مواطن والمواطن يعني كل من ولد ويحمل الجنسية اليمنية ، هذا هو الشعب ، وليس الشعب أبو ألفين ريال أو ألف وخمسمائة ريال من أجل حضور مسيرة تأييد لنظام الفساد ، ليس شعباً يأتي من المحافظات البعيدة بخمسين ألف ريال لكي يقول نعم للحوار ، وليس من قيادة تسعى بعد أن وحّدت أرضين تسعى لتفرقة شعبين ، وزرع الفتنة والشقاق بطريقة بلاطجة الشارع وعلى منازلهم يعلقون أعلام الانفصال وهم من قبل النظام لكي يعتقد العالم أنه في حال نجحت ثورة الشباب بإذن الله، فإن اليمن سينفصل، وأقولها صراحة اليمن واحد والشعب واحد والألم واحد والأمل واحد وابتسامة المستقبل واحدة وإن غداً لناظره قريب، وإن من قام بالمناداة للانفصال هو فقط مجرد مدسوس على طريقة بلطجة النظام الحاكم في بلادنا والذي اتسخت أياديه بدماء المواطنين الأبرياء ومن أجل ديمقراطية الزيف وفرض قانون الطوارئ من أجل كبت الأصوات التي تطالب وترفض همجية الفساد وبلاطجته ، ومن أجل كتم الحريات وتخويف الصحفيين والإعلاميين، بل ونشر المدسوسين للتهديد بطريقة بلطجية تمرس متعلموها على هذه الأساليب من أجل كتم صوت الشعب والذي ينادي بسقوط النظام.
ولعل أكبر أمنية أتمناها هو وجود رئيس للجمهورية من إحدى المحافظات في جنوب اليمن الحبيب الواحد ، نريده أكثر علماً ووقاراً وتحضراً، على الأقل نريد رئيساً والأسماء متاحة وكثيرة في الساحة وكلنا سنؤيده وسننذر ما تبقى من أرواحنا فداءً لترابك وحريتك وعزتك يا وطني ، وسحقاً لكل من رفع حديدة في وجه أخيه المسلم ، والملائكة تلعنه حتى يضعها ، فما بالكم بمن رفع سلاحه وصوبه إلى قلب أو رأس أخيه المسلم المواطن اليمني وأرداه قتيلاً، حسبه جهنم وبئس المصير، حسبي الله ونعم الوكيل ، فقد أغرورقت عيناي بالدمع وأنا أتذكر مشاهد الذل ، وباسم العزة "إرحلوا" وتباً لكم ولكراسيكم .
مرسى القلم :
من قصيدة "مصطفى"
لهـــــم حديــــــد ونـــــــار.......وهم من القـش أضعف
يخشـــون إمكــــان مـوتٍ.......وأنت للمـوت أألــــــف
وبالخطــــوات أغـــــرى.........وبالقـرارات أشغـــــف
لأنهـــــم لهواهــــــــــــم.........وأنت بالناس أكـلــــف
لذا تلاقــــــي جيــــــوشاً........ من الخواء المزخرف
يجزئــــــون المجزأ.........يصنفـــون المصنــــف
يكثفــــــون عليهـــــــــم.........حراسـة، أنت أكثــــف
كفجــــــأة الغيب تهمي..........وكالبراكيـــن تزحـــف
تنثـــال عيـــــداً، ربيعاً..........تمتد مشتـىٍ ومصـيـف
نسغـــــاً إلى كل جــذر.........نبضـاً إلى كل معــــزف
ما قـــــال عنك انتظـار........هذا انثنـى، أو تحـــرف
ماقـــال نجــم: تراخـى.........ماقـــال فجـر: تخـلـــف
تسابق الوقـــت، يعيـــا........وأنــــــت لا تتـــوقــــف
فتسحــــب الشمس ذيلاً.......وتلبــس الليـل معطــف
أحرجت من قال: غالى.......ومن يقــــول تطــــرف
إن التوسط مــــــــــوت.......أقسى، وسمـــوه ألطف
لأنهم بالتلهـــــــي........أرضى وللزيـف أوصف
وعنــــدك الجبــن جبن........مافيــــه أجفـى وأظرف
وعنــدك العاري أزرى........وجهــاًً، إذا لاح أطـرف
يا «مصطفى»: أي سر........تحت القميص المنـتّـف
هل أنت أرهـــف لمحاً.........لأن عـــودك أنحـــــف؟
أأنت أخصـــب قلبـــــاً.........لأن بيـتـك أعجـــــــف؟
هل أنت أرغــد حلمــاً.........لأن محيــــاك أشظـف؟
زم أنت بالكل أحـفــى..........من كـل أذكى وأثقـف؟
من كل نبض تغنـــــي..........يبكون من سب أهيف
إلى المدى أنت أهـدى........وبالسـراديــب أعـــرف
وبالخيــــارات أدرى..........وللغربــــات أكشـــــــف
وبالمهـــارات أمضى.........وللملمــــات أحصـــــف
فلا وراءك ملهـــــى..........ولا أمامــــك مصـــرف
فلا من البعـــد تأسى.........ولا على القـرب تأسـف
لأن همــــك أعلـــى..........لأن قصـــــدك أشــــرف
لأن صــدرك أملــى..........لأن جيبـــــــك أنظــــــف
قد يكسرونـــك، لكن..........تقـوم أقــــوى وأرهــف
وهل صعدت جنيـــاً...........إلا لترمـــــى وتقطــــــف
قد يقتلونــــــك، تأتي.........من آخــر القتــل أعصف
لأن جـــذرك أنمـــى..........لأن مجــــراك أريـــــــف
لأن موتـــــك أحيــى..........من عمر مليـون متـرف
فليقذفــــوك جميعــــاً.........فأنت وحـــــدك أقــــــذف
سيتلفــــون، ويزكـــو........فيـك الـذي ليس يتـلــف
لأنـــــك الكــل فــرداً.........كيفيـــــة،......لاتكيـــــف..
يا «مصطفى» ياكتاباً........من كـل قلـــب تألــــــــف
ويازمانــــــــاً سيأتــي......يمحـو الزمـــان المزيــف
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وسلم تسليماً كثيراً
من روائع المرحوم_شاعر اليمن الكبير/ عبدالله البردوني.
a.mo.h@hotmail.com