نسأل الله سبحانه وتعالى الرحمة لمفجر الثورات الشبابية التي تعيشها هذه الأيام العديد من البلدان العربية , كما نسأله جل وعلا أن يتغشى شهداء الاعتصامات والمظاهرات في بلادنا بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته, لأن هذه الثورات الشبابية قد جاءت بعد طوال انتظار, بل إن بعض الشعوب كانت قد أصابها اليأس من إصلاح تلك الأنظمة الجاثمة فوق همومها ومعاناتها وجوعها وآمالها وتطلعاتها عشرات السنين.
لذلك جاء شعار تلك الثورات الشبابية السلمية بـ (الشعب يريد إسقاط النظام) فقد مرت عشرات السنين والشعب يحلم العيش في حياة حرة كريمة بظل دولة تحميه وتحمي حقوقه وتحفظ له حريته وكرامته وتوفر له الأمن والاستقرار , الشعب لا يريد الفوضى الخلاقة كما يقولون ودخول البلاد في صراعات وحروب أهلية ومناطقية ومذهبية , الشعب لا يريد الانفصال أو الوصاية , لكن في نفس الوقت الشعب يريد محاسبة الفاسدين والعابثين في المال من المسؤولين تحت مسمى مناقصات وهمية وصرفيات خيالية ومشاريع فاشلة وأخرى متعثرة.
الشعب يريد محاسبة المتنفذين والنافذين، من يظنوا أنفسهم فوق النظام والقانون وهم ينهبون ممتلكات العامة من المواطنين واغتصاب أراضي الآخرين بالقوة وعلى مرأى ومسمع من الدولة والجهات الأمنية, الشعب يريد القضاء على الرشوة والمحسوبية التي رفعت أبناء وأقارب المسؤولين في أعلى المناصب الحكومية وجعلت منهم تجاراً ومقاولين ورجال مال وأعمال، وقضت على أبناء العامة لتجعلهم باعة متجولين وأصحاب بسطات بشهادات جامعية ومتسللين على الحدود الشمالية والشرقية.
الشعب يريد عدالة حقيقية في النيابات والمحاكم وأقسام الشرطة واستقلالاً حقيقياً للقضاء وعدم التلاعب في قضاياهم بسرعة البت فيها لا أن تظل رهينة أدراج المحاكم وجلسات القضاة عشرات السنين , الوطن يتسع للجميع , والوطن ملك للجميع , وما دام كذلك فإن الشعب يريد محاسبة المسؤولين عن مصير قيمة مبيعات النفط والغاز وغيرها من الثروات المعدنية ومصير القروض والمساعدات خلال السنوات الماضية , ويريد الشعب أيضاً محاسبة كل عابث بالثروات الحيوانية والسمكية والزراعية. الشعب يريد مساءلة كل من قاموا بتعيين أولادهم وأقاربهم في المواقع القيادية الهامة العسكرية منها والمدنية دون غيرهم من الكفاءات والقدرات الوطنية الشابة من أبناء عامة المواطنين.
الشعب يريد محاسبة كل رجل أمن استغل منصبه ورتبته لابتزاز المواطنين في أملاكهم وانتهاك إعراضهم ومصادرة حريتهم دون وجه حق.. الشعب يريد محاسبة كل من خالف اللوائح والقوانين واستغل الفساد المالي والإداري الذي تعاني منه المرافق الحكومية منذ عشرات السنين لجمع ثروات طائلة لا يستحقها على حساب جوع ومعاناة أبناء شعبة.
المسؤولون في الدولة خلال السنوات الماضية كان كل مسؤول يفعل ما يريد من مخالفات وصرفيات وسفريات وبناء عقارات وامتلاك شركات وغيرها دون إذن من الشعب وعلى مرأى ومسمع منه, واليوم لماذا يغضب هؤلاء عندما يطالب الشعب بحقوقه المنهوبة.
الشعب مصدر السلطات وصانع الثورات ومن حقه اليوم محاسبة كل فاسد وعابث في هذا الوطن.. الشعب يريد نظاماً وقانوناً على الصغير والكبير، لا يريد الفوضى والمجاملات والمراضاة والاعتبارات التي ما أنزل الله بها من سلطان, الشعب يريد الخير لكل مواطن يمني في أي محافظة ومن أي قبيلة وفي أي حزب ومن أي مذهب, وعندما يريد الشعب كل ذلك فإن على الآخرين احترام تلك الإرادة وتلبية رغبات الشعب العادلة.
عبدالوارث ألنجري
الشعب يريد .... 1697