الحب بين الزوجين في مجتمعنا يشبه شراء البطيخ تماماً حيث، يصبح حباً على السين حين لا يعطى لكلا الطرفين فرصة التعرف على الآخر وحصول الانسجام من عدمه في فترة خطوبة معقولة لا تزيد فتتعقد ولا تقل فتفسد، عوان بين ذلك حتى يتسنى لكليهما فهم الآخر كماً ونوعاً، لأن إقحام النفس في عالم جديد تماماً عنها دون حدوث تأهب كامل لما يدور في ذلك العالم يعد حماقة كبيرة لابد من تجنبها، وأعتقد أن الإخفاق سيكون من نصيب علاقات غير متكافئة بين ذكور وإناث كل منهم له محيطه الاجتماعي والأُسري المختلف بالكلية عن الآخر بالإضافة إلى وجود منظومة كبيرة من المقومات الشخصية الخارجية والداخلية تحتاج إلى إبراز وتدقيق وفحص وإصلاح الفاسد منها بذكاء دون إشعار الآخر بحدوث ذلك إلا فيما يخص النتائج النهائية لتك الاختبارات الصعبة.
وقد يكو للرجل فرصة المراقبة والاكتشاف عن قرب أو بعد، لكن بالنسبة للمرأة يصعب حدوث ذلك جداً، ولهذا ينبغي عليها استخدام حواسها والثقة بذكائها في إحداث المعجزات التقويمية الخاصة بإعادة هيكلة النظام الداخلي للرجل وفق احتياجاتها هي!! والمسألة ليست صعبة أبداً بل هي بحاجة إلى بعض الذكاء وتدليل الحواس جيداً قبل دخول المعركة، فقطعة العظم أو حتى اللحم التي ترمينها على أرض الحلبة ستؤكل بالتأكيد سواءً شئتي أم أبيتي، المهم هو إلقاؤها في الوقت المناسب فقط، وبالطريقة الملائمة لتفاصيل روحك المليئة بالدهشة، والحب لا يأتي وليد الصدفة لأنه يخلق في ظروف ملائمة لوجوده كما نخلق في بطون أمهاتنا في ظروف ملائمة لوجودنا كبشر.
قد يستغرب البعض لأنني أخص عموداً من كل أسبوع بالحديث عن الحب بين الناس بأشكاله وألوانه ونبسه المتعددة وفق نوع العلاقات التي تربط بينهم وذلك لأنني مؤمنة أن الحب الحقيقي هو العقار الذي لم نجربه بعد للاستشفاء من أكثر أمراض الدنيا فتكاً وأشدها ضرراً كالحسد مثلاً! ليس شرطاً أن نتهاوى ألماً حتى يشعر الآخرون بوجودنا، لكن يجب أن نتهادى مودة حتى ترانا عيون العالم أجمع، الحب خبز القلوب، ثريد الرغبات الدسم، وعليكم أن تتعلموا منذ اليوم كيف يستخدم الحب كدواء ليعيد روابط الأخوة ويحيي إحساس الأبوة ويترجم رسائل الصداقة الطاهرة ويبرئ ساحة القلوب من غبار الخيانة ودمائها ولا يجب أن يُفهم الحب أنه فقط علاقة غريزية بيولوجية بين رجل وامرأة ومن يفهم الحب بهذا المعنى فهو لا يعلم عنه شيئاً إطلاقاً.
الحب هو الشعور الذي يبقيك واقفاً في محراب صلاتك، مطمئناً حول ضريح مماتك، ذائباً في أعاصير حياتك، ترضى بالقليل، تتجلى على أعتاب ليلٍ طويل، تخاطب الجليل، تتحدث إلى صمتك، تطمئن خوفك، تتماهي مع نفسك، من يجرب أن يستخدم الحب كأسلوب حياة سيعرف تماماً ما أتحدث عنه أما الذين تهتز خواصرهم حين يذكر الحب فهم لازالوا في المرحلة الحيوانية من الفطرة والحاجة والمحاكاة، وهم لا زالوا خارج مدرسة الحب فعلاً وقولاً، هذا الحب الذي أعنيه هو ما جعل كفار قريش يلقبون عدوهم بالصادق الأمين فقط لأنه أحسن المعاملة وعفا عند المقدرة.
إذاً يجب أن يعطى للحب والتوافق وقتاً كافياً ليصبح جنيناً كاملاً في قلوبنا حتى لا يولد مشوهاً ساعة الخروج إلى الدنيا.. غير أن هناك نقطة هامة يجب أن تؤخذ في الاعتبار وهي عدم الإسراف في السماح لعواطفنا بالظهور من خلال شبابيك قلوبنا وعلى سقوف جوارحنا قبل أن نعلم حق العلم أن هؤلاء اللذين أمامنا هم حلالنا المقسوم ورزقنا المعلوم وليلمنا بعد ذلك من يلوم!.
* أجمل ما في الحب أنه يسيرُ كالنهر، صافياً رقراقاً، فلا تزرعوا في طريقة العقبات لأنه لن يتوقف أبداً، لكنهُ سيغير اتجاهه إلى الأبد!.
ألطاف الأهدل
حُب على السكين! 2194