إن الشعوب هي الأداة الفعالة في التغيير أيا كان التغيير، لان الشعوب هي صاحبة القرار إذا فقهت ما تريد والشعوب هي ثروة الأوطان وأمان الحكام إذا فقه الحكام ما يريدون.
وإذا رجعنا إلى بداية سقوط الدولة العثمانية (الإسلامية) سنجد أن الشعب كان العامل الرئيسي في إسقاطها وبالذات الشعوب العربية , لقد كانت هناك أسباب جعلت النظام ينهار ومن تلك الأسباب فساد الولاة في بعض المناطق العربية والإقطاع واستعباد المساكين وعندما ازداد الظلم- مع جهل السلطة العليا به - وجدت المخابرات البريطانية ضالتها في ذلك، فأرسلت مخابراتها وعلى رأسهم (لورنس العرب) وبدأ ببث سمومه في أوساط المجتمع العربي وبالفعل وجد التربة الخصبة لزراعة فتنته التي انتشرت وساعد ظلم الحكام على انتشارها وتمكنها من الشارع العربي الذي أعلن ثورة التغيير تحت قيادة بريطانيا(مع أنها انتكاسة وليست ثورة) دون أن يعلم.
وهكذا تحرر العرب من العثمانيين ليحل محلهم الرومان بقادة بريطانيا وبعد أن كانت دولة واحدة أصبحت دويلات وأقاليم يحكمها رؤساء وضعتهم بريطانيا وحلفاؤها آنذاك وكانت رسالتهم في الحياة الحفاظ على الكراسي والإخلاص لها. لقد كانت الدولة العثمانية من اقوي الدول مهابة من كل القوى الأخرى وعلى رأسها بريطانيا.
فما الذي جعلها تنهار أمام الشعب العربي وتخلي له عهدتها ؟! إنه فن استخدام الشعوب الذي برعت فيه المخابرات البريطانية آنذاك واستخدمت فيه محفزات الإثارة الشعبية من ظلم وفساد وانتهاك للحقوق والحريات، فوجهت الشعب العربي بتحكم إلى التغيير وجعلت منه سيلاً عرمرماً يدمر كل ما في طريقه ولا يستطيع أن يقف في وجهه أي نظام مهما بلغت قوته , وهكذا غضب الشعوب فإنها إذا غضبت تحولت إلى فيضانات تغرق كل من يعارضها والشعوب قد يستخدمها الأعداء ضد حكامها إذا كان الحكام يرفضون الانصياع لمخططات أعداء الإسلام والإنسانية، فهنا يقوم المتآمرون على الإنسانية حسدا على ماحقته في ظل تحكيم شرع الله يقومون باستخدام الشعوب لإسقاط الأنظمة كما فعلوا في خلافة عثمان رضي الله عنه وكما فعلوا في سقوط الخلافة العثمانية ومازالوا يستخدمون الشعوب في التغيير ولكن هل هم اليوم يستخدمون الشعوب لإسقاط الأنظمة الحالية العميلة لهم المحققة أهدافهم؟
وإذا كانت -هي المخابرات الأجنبية- التي تستخدم الشعوب لإسقاط الأنظمة الحاكمة لماذا يلبون دعواتهم وينفذون أوامرهم ويضربون بالطائرات الأجنبية المساكن الآمنة الأهلة بالسكان والنساء والأطفال والشيوخ، إذا كانت هي التي تستخدم الشعوب لإسقاطهم , لماذا يتعاونون معهم في قتل المسلمين واحتلال بلاد الإسلام ؟، ثم إذا كانت هي المخابرات الأجنبية- من يريدون إسقاط الأنظمة، لماذا انتم الحكام أعطيتموهم الفرصة في ذلك بظلم شعوبكم ومصادرة حقوقهم وحرياتهم وعدم احترام إنسانيتهم ؟ لماذا جعلتم الشعوب تكرهكم مع قدرتكم على اكتساب حب الشعوب و إخلاصها وتفانيها في الدفاع عنكم فقط بما يعادل ما تتنزهون به انتم وعائلتكم وذويكم.
لماذا أغلقتم أبوابكم دون الفقير والمسكين وصممتم آذانكم عن أصوت الجوعى والمحتاجين ولماذا أغمضتم أعينكم عن دموع اليتامى وعرى الضعفاء ودماء القتلى من أبناء شعبكم ؟ ولماذا تجاهلتم نداءات العقلاء وسمعتم وشايات الحقراء ؟، أتريدون بعد هذا كله شعوب تحبكم وتدافع عنكم ؟.. هيهات !!
لقد أسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي.
سلام سالم أبوجاهل
فن استخدام الشعوب 1802