جنون العظمة داء خطير يصيب الفرد ومن أهم علامات هذا المرض أن المصاب به لا يتقبل النقد، بل هو من ينتقد الناس ويستخف بهم ويتسلط على من هم دونه.
كذلك يريد أن يسخر الناس لخدمته والعناية به؛ وتأليهه وتقديسه ، فهو وحيد عصره ، وفريد دهره، ولولاه ما نزل المطر ولا أثمر الشجر، لذا فهو شخص غير محبوب ، ومكروه من الأسوياء ، ومخدوع من المنافقين الأغبياء ، وظهر هذا في كثير من زعمائنا الذين ابتلانا الله بهم ومنهم مهووس ليبيا –القذافي- الذي ( أخذته العزة بالإثم )، ففي خطابه ليلة الأربعاء أثبت أن هذا الطاغية يعاني من جنون العظمة إلى آخر رمق ، فقد كرر تصديه للقوى النووية عدة مرات ، بالطبع لا ندري أين واجههم ؟ وفي أي مكان ؟.. فهو الزعيم وهو ملك ملوك إفريقيا ، وهو قائد أممي ، وهو العز والمجد.
القذافي لم يصدق أن شعبه لعنه ، وبالأحذية يرد عليه أثناء خطابه كما فعل مع ابنه (سيف الشيطان) ، لم يصدق ،لأنه عاش مغروراً، متكبراً، متعجرفاً، وهذا ما ولد لديه صدمة عظمى على وزن الجماهيرية العظمى ، هذه الصدمة أخرجته عن صوابه ، فكان خطابه خطاب الانتحار ، ولو قال انه سيبقى متمسكاً بالسلطة إلى آخر نفس ، شرب كثير من أقداح الماء (ملبب) ومرتبك مهزوز ، أو ممسوس ،حين وقف ليلعن شعبه وأولادهم الذين انتفضوا ضده ويتهمهم بشرب المخدرات ،وأنهم جرذان ، وهذا الاستخفاف هو منهج فرعون ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ) ويعلن أنه صخرة صلبة أمامهم ، ليعلن أن (يلسن) قد سبقه في دك البرلمان بالدبابات وهذه رسالة للغرب الذي يسكت على إجرام عملائه ،ومنهم القذافي الذي يسحق شعبه بالطائرات ، ولهذا فهو عازم على سحق شعبه بالكلية وسيحرق ليبيا ،ولا يمنعه إلا العجز وهكذا عم الطواغيت.
فالوطن شعار يرتدونهم ما دام في خدمته وتحت سطوته وعنجهيته ، وهذا الداء انتقل بالوراثة إلى ابنه سيف القذافي الذي أثبت أنه سيف حاد يقطع كل من يقف في وجه أبيه ولو كان الشعب بأسره ، لمن اشترى السلاح؟ إلا ليحمي عرشه من شعبه ، لمن اشترى الطائرات ؟ إلا ليقصف شعبه ، كان هذا مصداقاً لقول سيف القذافي الذي أعلن أنه سيخوض حرباً ضد شعبه إلى آخر رجل وآخر امرأة وآخر طلقة ، هكذا أثبتها فعلاً ابن الطاغية بعد أن خير شعب ليبيا بين الاستبداد والطغيان والإجرام بين القتل البطيء والقتل الجماعي السريع ، بين نهب الثروة وحرقها ، بين الاستعباد له أو الاستعمار، إنها نفسية الطغاة، نفسية الرويبضة، قاتلهم الله ، وهذا ما يجب أن تعرفه الشعوب التي تقع تحت حكام ظلمة إنهم لا يساوون مع وطنهم وثروتهم ونسائهم وأطفالهم شيء، مقابل كرسي الحاكم ، ولو استعان ببلطجية ومرتزقة لسفك الدماء وانتهاك الأعراض، ويعلن الأب في ختام خطابه المتعجرف الزحف المقدس على شعبه ، وأنه لن يتنحى.
وهكذا داء العظمة... يقود صاحبه وهماً، من ملحمة.. إلى ملحمة.
بمرتزقة.. ببلطجة
لكنه سينتهي.. سينتهي.. كما انتهى مسيلمة.
محمد الحزمي
جنون العظمة.. عند الحكام الظلمة 2502