مع سقوط الخلافة العثمانية في عشرينات القرن الماضي كانت معظم الدول العربية ترزح تحت هيمنة الاستعمار بموجب اتفاقية "سايكس بيكو"، بيد أن العرب حاولوا استنهاض همهم بعد أن عانوا من ظلم وجور والاستعمار وللملمة الجراح سعى المثقفون في امتنا العربية إلى تشكيل كيان موحد لمواجهة المستعمر والذي انتهج سياسية فرق تسد، فكان تشكيل تنظيم ا لضباط الأحرار بواكير التحرر العربي.
وإن كان التنظيم قد نجح في قيادة الثورة العربية إلا أن العرب فشلوا في تحقيق التضامن العربي لمواجهة ثقافة الكراهية التي زرعها المستعمر وزاد في إذكاء روح الصراع العربي الغربي تأثيرات الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي قبيل سقوط الأخير في تسعينات القرن الماضي غير أن العرب واجهوا مرحلة أخرى من مراحل زعزعة أمن واستقرار منطقتهم، فمن أزمة احتلال العراق لدولة الكويت إلى غزو العراق واحتلاله، مروراً بتصدع مواقفهم تجاه مشكلة لبنان وصولاً إلى مواجهة تصدير الثورة الإيرانية إلى المنطقة لفرض أجندة إيرانية أيدلوجية.
ومع فشل العرب في مواجهة هذه التحديات والتي أركعت الزعامات أمام خصومهم حاول الخصوم رسم سياسة شرق أوسط جديد وتعديل خارطته ومع فشل الخصوم العودة إلى المربع الأول والمتمثل في زعزعة أمن واستقرار المنطقة حتى يضمنوا أمن واستقرار ربيبتهم إسرائيل والمستفيدة من كل الأحداث استغل الخصوم في بداية مؤامراتهم الأخيرة فرض سياسة التجويع لتركيع الأنظمة والشعوب وحين أدركت الشعوب حقيقة هذه المؤامرة، أدرك الخصوم أن تحريك الشارع العربي ضد أنظمتهم أقرب الطرق لتحقيق الأهداف المرسومة وبدعوى فرض الديمقراطية ودعم الحريات سقطت بغداد وأرض الرافدين تحت الاحتلال ونجح شعار تصدير الثورة الإيرانية على المنطقة بداءً بجنوب العراق المقسم مذهبياً وصولاً إلى جنوب لبنان، مرور بالبحرين وحتى أحداث صعدة وأمام فشل العرب في مواجهة تصدير الثورة ونجاح الشعوب في دعم غزة ومناصرتها كان لزاماً على الخصوم مواصلة زعزعة أمن واستقرار المنطقة ومن خلال ما شهده الشارع العربي من ثورات بدءاً بتونس ومصر واللذين هما حليفين للخصوم مروراً بأحداث البحرين وليبيا واليمن وما بعدهم غير أن الشارع العربي والذي يعد صاحب حق مشروع في التظاهر من أجل تغير واقعه إلا أن هذا الحق تحول إلى باطل من خلال ما حدث من إقلاق للسكينة وزعزعة للأمن والاستقرار ونشر للفوضى والخراب والتدمير وبدعوى التغيير.
وأمام ما يحدث في الشارع العربي، هل يعي الشارع العربي المؤامرة التي تحاك ضدهم، فما يحدث يعد تدميراً لا تغيراً، فالتغير يأتي بالديمقراطية لا بالفوضى والتدمير والله المستعان.
أحمد الكاف
هل يعي العرب المؤامرات التي تحاك ضدهم؟ 1870