إن الوطن يدعونا أن نستظل تحت مظلته الكبيرة، يدعونا لننعم بخيره وأمنه ونعتز بتاريخه وحضارته، يدعونا أن نستلهم الدروس ونأخذ العبر مما نراه حولنا من اقتتال وملاحقات كل فيها يقتفي أثر صاحبه كي ينال منه ليرديه قتيلاً.
إن وطننا اليمني يدعونا بصوت تردد أصداؤه السماوات ويختلط بحبات الثرى، صوت يقول: انظروا إلى أقرب بقعة من خارطتي سترون ضحايا الذين لم يفكروا بمصيرهم ومصير من تقذف بهم أمواج البحار الهادرة وتلقي بهم في قيعانها لتلتهمهم حيتانها.
إنها صرخة وطن ينشد السلم الأهلي، يأبى الجراح.. فهل نلبيها ونتجاوز المصالح الذاتية ونرتقي بحبه بالصدق والإخلاص لنجعل مصلحته هي المصلحة العليا التي تسمو على كل المصالح، لأنه وحده المصلحة الأولى والأخيرةـ وأمنه واستقراره هو أمننا وطمأنينتنا.. فليكن شعارنا الحب للوطن أولاً دون ذلك فلا وألف لا.
هل يتجاوب أبناء الوطن أينما كانوا ومهما كانوا وكيفما كانوا، ويجعلوا من عقولهم فنار الوطن الذي من واجبنا الحفاظ عليه والعمل سوياً لتهيئة المناخات الآمنة والمستقرة والمزدهرة لحاضرنا ومستقبل أبنائنا من بعدنا، وتلافي كل ما من شأنه إيقاظ الفتن التي لن تنام إذا ما أوقظت ونهضت.. اللهم نسألك النجاة من جحيمها، والحق تبارك وتعالى يقول في كتابه الكريم " من يُضلل اللهُ فلا هادي له".
هذه الآية الكريمة تنطبق على أولئك الذين ختم الله على قلوبهم وأبصارهم.. آيات الله البينات المحذرة من إشعال الفتن، ومن قتل النفس ومن نشر الفساد وترويع الناس.. فويل لأولئك القوم الذين أضلهم الله، وطوبى لمن تنزلت عليه هداية ربنا جل وعلا.. واللهم لا شماتة.
عمر محمد بن حليس
صرخة الوطن... 1962