الحجة الضعيفة التي خرج بها مبارك محاولاً استرضاء الغرب والسيدة أميركا ليحصل على إذن باستمرار بقائه ممن يرى أنهم سبب بقائه لعقود.. قال لهم إنه يخشى إن ترك المنصب أن يؤول أمر مصر للإخوان المسلمين الذين هم وراء الثورة اليوم في طريق سعيهم إلى السلطة ـ على حد قوله.
والمهم في أمر هذا الرجل أنه كشف القناع عن وجهه القبيح ليوصل كل من كان لديه أدنى شك بعمالة وخيانة مبارك المنغمس فيها من رأسه إلى أخمص قدميه.. وولائه لغير شعبه وخدمته لغير دينه.
إذ سول له شياطينه بضرورة قمع كل من يحمل فكرا مضادا له سواءاً أحزاباً أو أشخاصاً، وجمع وأستحوذ على خيرات ومقدرات دولة بأكملها لجني هو وأسرته مليارات تاركاً شعبه يموت جوعاً..
وما أعظم مصيبة هذا الشعب بقائده، ليعيش تحت رحمته لعقود ويردد عاش القائد رغم كل شيء..ولما أشتد جوعه وزاد حرمانه وخوفه خرج يصيح بصوت واحد "أرحل.. مش عايزينك" وكما أمن فرعون متأخراً بنبوءة موسى وبربه آمن مبارك بحق الشعب في الحرية والكرامة والعدل.. إيماناً تأخر كثيراً، فلن يجد اليوم تغير أشخاص أو سياسات أو قوانين لأن الشعب كان قد يقبل بها من قبل ويواصل سكوته عليه، أما اليوم فهو يطلب الكثير مما لا يقدر عليه مبارك الذي وقبل أيام قلائل كان يفكر بتوليه ابنه جمال، لكنه فوجئ بأنه لن يستطيع ربما أن ينهي فترة رئاسته ليلحق بسابقه بن علي.
فرياح التغيير تهب بقوة لتقتلع كل جبار عنيد.. ولأن مبارك كان دائماً يسعى لاسترضاء الغرب وأميركا قبل استرضائه لخالقه أو لشعبه فقد أراد في لحظاته الأخيرة عون ودعم أربابه فخذلوه وتركوه يلاقي مصيره مع شعبه منفرداً بل كلما أشتد صياح الثائرين أشتد قلق الغرب وأشتد ضغطهم على مبارك ليغازلوا الثوار طلباً لما بعد مبارك ومبارك يشتد غضبه على الإخوان وحكام العرب ينظرون وينتظرون ويحاولون بين الفينة والأخرى استجداء عواطف شعوبهم هرباً من مصيرٍ كمصير سابقيهم لأنهم ربما لم يستوعبوا الدرس جيداً.. وما قدموه من قربان لا يعادل جريمة الكبت والحرمان وقمع شعوبهم وهم أضعف من أن يعلنوا على الملأ اعترافاً بجرمهم في حق شعوبهم ويطلبون صفحهم ويسعون جادين في طريق تصحيح أوضاعهم.. بل لا زالوا في ريب من ثورة الشباب التي وإن قامت لقلبت عليهم جناتهم جحيما عليهم.
ثورة شعب لا جماعة ولا حزب بل ثورة الجياع.
شهاب عبدالجليل الحمادي
الكبت والحرمان لا ثورة الإخوان 1877