على مدى أكثر من يومين عبَّرت الإدارة الأميركية بعدة طرق عن موقفها من الأحداث التي تعتمل على الساحة السياسية اليمنية.. الموقف الأميركي مما يدور في اليمن حمل رسائل أو بالأصح توجيهات وأوامر لجميع الأطراف
السياسية في اليمن"السلطة والمعارضة" وكأن اليمن أحد أحياء "متشقن" أو أحد شوارع "منهاتن"، أو كأنها تخاطب عصابة من عصابات الشوارع المعروفة في أميركا، ويتنازع أفرادها "المنقسمون" على أحقية كل
طرف في ملكية الشارع وأولويته في حق الترويج لبضاعتها المسمومة في ذلك الشارع أو الحي..
أوباما.. هيلاري.. السفارة الأميركية.. الخارجية الأميركية أيضاً.. جميعهم أكدوا حرصهم الشديد على استقرار الوضع في اليمن وذهبوا إلى توجيه أوامرهم لسلطة ومعارضة أفقر بلد في العالم العربي..
حيث خاطبوا السلطة بنبرة حادة وألزموها بضبط النفس، وذهب أوباما ـ الرئيس الأميركي طبعاً ـ إلى أبعد من ذلك وطلب من قوات الأمن اليمنية ـ وليس وحدة مكافحة الشغب التابعة لمكتب التحقيقات الفدرالية ـ بالامتناع عن ممارسة
العنف ضد المتظاهرين اليمنيين الذين يمارسون حقهم في حرية تكوين اتحادات والقيام بالتجمعات والتعبير.
باراك أوباما "ما شاء الله عليه"، ومن شيطنته وخوفه علينا ليس ـ كمواطنين يمنيين قتل عشرات المدنيين منهم بالصواريخ وسلاح الجو الأميركي في المعجلة وشبوة ومأرب ـ وإنما كعناصر ننتمي إما لعصابة السلطة أو عصابة
المعارضة ـ المتنازعتين على ذلك الشارع في "منهاتن" المليء بهياكل كل المدمنين المترامية في جنباته.. لم ينس أن يذكرنا بخطر القاعدة الذي يتهددنا، وزاد على ذلك بأن عبر لنا عن بالغ قلقه من الإفراج عن زميلنا
الصحفي عبدالاله حيدر شائع، وكأني بـ"أوباما" يتحدث عن رفع الإقامة الجبرية عن العالم النووي الباكستاني "عبدالقدير خان" وليس عن صحفي يمني يحث عن التميز والسبق الصحفي والمعلومة بجد ـ حتى أجبر صحيفة
"الواشنطن بوست" على الاستعانة به في إجراء حوار صحفي مع "الوحش الكاسر" أنور العولقي، ليتهمه بعد ذلك أوباما بأن ثمة علاقة تربطه مع الإمام اليمني الأميركي أنور العولقي.
أما الخالة هيلاري كيلنتون فقد وجهت أوامرها إلى المعارضة اليمنية ـ الغير جمهوريين الذين ليس رمزهم الحمار ـ وأمرتها بتجنب الأعمال الاستفزازية والتجاوب مع مبادرة الرئيس تجاوباً بناءً لحل الخلافات عبر الحوار
والتفاوض.. ودعت جميع الأطراف إلى مواصلة الحوار الوطني والعودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق يخدم ضحايا العصابة ـ أقصد الشعب اليمني ـ ويحظى بترحيبه.
إلى هنا المشهد قد يبدو طبيعياً سيما ونحن قد تعودنا التدخل الخارجي وانتهاك سيادتنا ونغالط أنفسنا بأننا في عصر العولمة وأن العالم أصبح قرية واحدة ولم يعد هناك حدود بين الدول، وثقافة التدخل في الشؤون الداخلية للدول
أصبحت مصطلحاتها متعفنة وغير صالحة لعصر صواريخ "كروز" و"توماهوك" التي تفض بكارة السيادات..
لكن الجميل في الأمر لو أن هذه الأوامر والتوجيهات جاءت على لسان أحد رجال السلطة والحزب الحاكم أو المعارضة.. تخيل عزيزي القارئ ماذا كان سيحدث بين فتوات التصريحات في السلطة والمعارضة على حد سواء
حول هذه القضية.. بالطبع كان على أقل تقدير سيعقد اجتماع ويصدر بياناً يندد ويشجب فيه أحد الطرفين التدخل السافر في شؤون الطرف الآخر ويؤكد أنه غير ملزم بما جاء في تلك التوجيهات أو حتى الدعوات وأنها لا
تعنيه.
من جزئية التعامل بعنجهية وثقافة "القِمر" وتبادل العناد والحنق من الآخر.. أتساءل هل تستطيع السلطة والمعارضة أن تثبتا للشعب اليمني أنهما حريصتان على اليمن الأرض والإنسان من خلال التوصل إلى توافق يخدم
الشعب ويحسن وضعه الاقتصادي واسترجاع حقوقه المنهوبة والتخفيض في رسوم جميع الخدمات ابتداءً من الماء والكهرباء المتقطعة بصورة شبه مستمرة وليس انتهاءً عند الصحة والتعليم الغائبين تماماً..
وتثبت لنا أيضاً كل من السلطة والمعارضة أنهما يتعاملان معنا كمواطنين لنا حقوق وحريات وليس كضحايا يتم حشدهم في النوازل..
قادم الأيام بالتأكيد كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل.
إبراهيم مجاهد
الأستاذ أوباما وتلاميذ المؤتمر والمشترك!! 2356