استغرب من بعض الأحزاب والتيارات السياسية عندما تتحدث عن شعبيتها الواسعة وسعيها لإصلاح الوضع من خلال مواجهة خصومها عن طريق دفع الشعب للخروج إلى الشارع للتظاهر، وأخرى تدعي شعبيتها الأوسع
وتتحدث عن سعيها جاهدة للإصلاحات وتتوعد بالمثل بإخراج الشعب إلى الشارع لمواجهة خصومها، وكلهم ينشدون للتغيير والإصلاحات وتحسين معيشة الشعب و و و ، إلا أنهم كما يبدو يختلفون في شيء واحد وهو من
سيفرض قوته في التغيير وفرض سيطرته على الساحة السياسية أفضل من الأخر، يعني كل منهم يفكر بمصلحته ونفوذه لا اقل ولا أكثر .
لم يفكر أولئك السياسيون إن الشعب عندما يخرج إلى الشارع وتنتشر الفوضى، ويتحول الخلاف من صراع سياسي ديمقراطي إلى مواجهات مفتوحة في الشارع، ويزداد تدهور الوضع إلى الأسوأ، في هذه الحالة بالتأكيد فانه
من الصعب الإمساك بزمام الأمور والسيطرة على الشعب حتى ممن دعوه للخروج إلى الشارع، فيصبح الشارع محل تصفية الحسابات بين المتخاصمين سياسياً وغيرهم بصورة غير قانونية، في هذه الحالة ستكون العواقب وخيمة،
خاصة إننا ندرك أن اغلب الشعب اليمني يعاني من حالة من الفقر والبطالة وقلة الوعي أضف إلى ذلك فهو شعب قبلي، ومعروف بامتلاكه للسلاح وهذه هي اكبر مشكلة يعاني منها الشعب اليمني عن غيره من الشعوب العربية .
في هذه الحالة ماذا عسى أولئك يضعون في حسبانهم؟، هل يفكرون انه عندما يصلوا إلى التغيير ويتمكنوا من الانتصار على خصومهم وفرض مكانتهم سياسيا سيطعمون الشعب اليمني عسلاً وحليباً بين عشية وضحاها لكي
نقنعهم إن الوضع تحسن ؟، أم أنهم يفكرون أن الشعب هو ملكهم مثل الأغنام يخرجونها متى أرادوا ويرجعونها إلى زرائبها متى أرادوا؟، أم أنهم يفكرون في كيفية الوصول إلى مصالحهم وأهدافهم وماعدا ذلك الله يرحم من
انخدعوا وصدقوا ؟ يفكرون إن مكانتهم السياسية أهم من امن وسلامة واستقرار الشعب والوطن ؟، أم انه في غرة أنفسهم غير ذلك، فهم في حال تمكنوا من كسب صراعهم السياسي والانتصار على خصومهم بتحريك الشارع
فالتصرف مع الشعب بعد ذلك سيكون بشكل أخر لإرجاعهم إلى منازلهم يعي سيحللون استخدام القوة .
في الحقيقة إن الفوضى عمرها ما أوجدت نظام وقانون إلا إذا تعرضت للقمع بالقوة، وعمرها ما خلفت إصلاحات، فماذا لو فكر أولئك السياسيون بوضع اليمن الذي يختلف عن باقي الشعوب العربية الأخرى؟، وحددوا كيفية
الخروج من غضب الشارع قبل الدخول فيه، وتصرفوا مع بعضهم بلغة الحوار والعقل والمنطق بعيدا عن إقحام الشارع في صراعاتهم وخلافاتهم طالما أنها تهدف إلى تحسين معيشة الشعب ومصلحة الوطن وإجراء إصلاحات
سياسية واقتصادية، وتجنبوا الفوضى العارمة قبل حدوثها، والأفضل أن يتواجهوا مع بعضهم لا مواجهة الشعب يبعضه، هذا إذا كانوا يفكروا بمصلحة الشعب والوطن ويكفي الشعب فقر وبطالة، فإذا كان بإمكانهم تقديم شيء ايجابي
للشعب، فليكن/ ما لم فالأفضل لهم أن يرحلوا بعيداً ويتركوا الشعب وشأنه .
وهيب الذيباني
عمر الفوضى ما خلفت إصلاحات 1833