1. أمة "غمتها في قمتها"!!:
مسكينة هذه الأمة العربية.. فهي تدعو كل صباح ومساء: اللهم اكشف عنا "الغُمة".. فلم تظفر إلا بـ " قمة " زادت من حجم "الغُمة".. لأن هناك دولاً لا زالت تحارب طواحين الهواء وترفع شعارات
ولاءات، وتريد أن ترمي أعداءها في البحر.. أو على أقل الأحوال تدعوهم إلى أن يشربوا من ماء البحر.. مع أنهم لا يشربون إلا "الموكا".. بينما تشرب هذه الأمة المغلوبة على أمرها من ماء القهر!!..
هذه "القمة" تعقد في كل مرة وتحت شعار وهدف نبيل وهو "تضميد جراح الأمة" وتخرج بما هو أسوأ.. فهي لا تنكأ الجراح ولا تضمدها!!.. تهدف إلى لم الشمل وفي نهاية القمة "تشتت" الشمل..
تسعى لتقريب وجهات النظر وتخرج بتوصيات من شأنها "تبعيد" وجهات النظر!!.. تقول بياناتها قبل الاجتماع: إنها تعمل على مناقشة القضايا.. ذات الاهتمام المشترك، ولا تناقش إلا قضايا الخلاف
المشترك!!.. ترفع لافتة تقول: إن الخلاف لا يفسد للود قضية، ولا تخرج إلا والخلاف يفسد كل قضية، بعد أن يتحول المؤتمرون إلى متآمرين!!.. تنتهي القمة قبل أن تبدأ.. ويخرج بيانها الختامي قبل أن تقرأ
بيانها الافتتاحي.. تتكلم بمنتهى الكياسة واللباقة الدبلوماسية أمام شاشات التلفاز.. وتتراشق بوابل الكلمات الخارجة عن الكياسة واللباقة الدبلوماسية في الجلسات المغلقة.. تطالب بتطبيق القانوني الدولي.. وكثير من
أعضائها من الخارجين عن القانون المحلي والدولي!!.. تدعو إلى إزالة الحواجز بين الدول العربية ولا تخرج إلا بمزيد من الحواجزـ تشجع السماء المفتوحة وهي التي "تغلق" أرض الله الواسعة في وجه
مواطنيها!!.. تدعو إلى الوئام ولا ترسخ إلا الخصام.. فلك الله يا أمة "غمتها" في "قمتها"!!.
2. الحوار:
الحوار قيمة حضارية.. رابط إنساني بين الأفراد والتجمعات.. الحضارات والثقافات والقارات.. الحوار يؤنس العلاقات، يرتقي بها من مصاف القطيعة والعداء إلى الفهم المتبادل والعيش المشترك.. في زمن لم تعد
الجغرافيا ومفاهيم الحدود السياسية تشكل مصدات طبيعية للحول اختراق الأسوار المغلقة.. وخلق حالة من الحراك المعرفي والسياسي على مستوى كوني مخلوع الأبواب، مرفوع عنه سلطات الرقيب الأمني ووصاياه..
ولا نعتقد أن هناك من يرى في الحور صفة ذميمة.. وفعلاً آثماً يستوجب النأي عنه والتطهر من أدرانه.. إنه حاجة ضرورية لا غنى عنها لفهم الآخر بحثاً عن جسور تواصل مع منظومة قيم لمختلف الشرائح..
اجتماعية وأحزاباً ومكونات سياسية.
ومع أن الحور هو أداة قياس لدرجة رقي وتحضر المجتمعات.. وبطاقة انتماء لكل حكم رشيد لهذا العصر.. إلا أن اليمن مازال طريحاً على سرير المفاهيم المريضة التي عفا عليها الزمن.. وداست عليها عجلة
التحولات المتسارعة في مجال إدارة الحكم والشأن العام.
فالحوار الذي لا يقف على رؤية دقيقة وقضايا يراد إنجازها.. هو حوار عقيم غير منتج.. الحوار الذي لا يبحث عن أرضية مشتركة مع الآخر.. يظل مرواحاً في نقطة اللا بدء.. اللا أمل.. اللا..
اللا.. إلخ.
alhaimdi@hotmail.com
محمد الحيمدي
دبوسان..... 1390