هاهم اليمانيون وكالعادة دائماً يثبتون بأنهم الأوفى بين شعوب الأرض وبأنهم الصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات والدسائس الخبيثة التي تسعى لتمزيق وحدة الصف وتفريق لم الصف الواحد.
لقد استطاع اليمانيون أن يفشلوا تلك الرهانات المنادية ببث الفرقة والعنصرية والحزبية لما من شأنه زعزعة الوطن وإدخال البلد في أتون صراعات حزبية وقبلية ليس لها آخر .
لقد برهن أبناء اليمن وحدويتهم وعروبتهم وحبهم لوطنهم الذي يعتبر منزل الجميع من خلال الاصطفاف خلف قائدهم الزعيم علي عبدالله صالح وتلبية دعوته بعدم الانجرار وراء المكايدات السياسية والتفرقة ونبذ الخلاف فيما بين الأخوة وجعل مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات .
حب الوطن فطرة رفع من شأنها الإسلام وقد خلد القرآن الكريم مبدأ حب الوطن من خلال قوله تعالى:« ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً».
إن مبدأ حب الوطن لا ينكره عقل ولا يرفضه لبيب، إنه انتماء فريد وإحساس راقي وتضحية شريفة ووفاء كريم، وليس فقط لباساً أو لهجة أو جنسية أو قانوناً أو أصباغاً على الوجه، إنه أسمى! إنه حبٌ سامي يمكن غرس معانيه في نفوس أبنائنا .
يظل الانتماء لهذا الوطن مفخرة واعتزاز لكل يمني غيور مهما اختلفنا في الآراء والطرح ومهما كثر الجدال بيننا، يظل حب الوطن هو الرابط المشترك بيننا ، فمهما فرقتنا الحزبية فلن يفرقنا الدين والعرق والجنس والانتماء.
كم يحز في نفوسنا ونحن نتابع أحداث الساعة في مصر تلك الأحداث التي يؤلمنا كثيراً مشاهدتها فقد اندلعت منذ التاريخ 25 يناير 2011 ثورة شعبية كان وقودها الشباب وراح ضحيتها المئات من الأبرياء للمطالبة بتغيير النظام ورفع الظلم عنهم والجاثم على صدورهم منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
الأحداث الجارية في مصر أدخلت البلد في نفق مظلم جراء أعمال النهب والقتل والسلب وشلل الحركة وتوقف الأعمال ، والأدهى من ذلك هو ما حدث قبل يومين بميدان التحرير عندما وقعت الاشتباكات بين المؤيدين والمعارضين لنظام مبارك ، فكم كان حزيناً على قلوبنا ونحن نشاهد تلك الصور وذلك الاقتتال بين الأخوة، منظر تدمع له العين، فالشعب المصري لا يستحق أن يحدث معه ذلك.
تلك المشاهد المروعة بعثت داخلي الخوف الشديد على مستقبل بلدي اليمن الحبيب بلد الإيمان والحكمة بلد الرقة واللين ، فهل نتخيل جميعاً أن يصبح ميدان التحرير بصنعاء مسرحاً لمثل هكذا مشاهد واقتتال ؟
لا أعتقد أنه سيحدث ذلك، فالشعب اليمني ليس الشعب المصري والرئيس محمد حسني مبارك ليس علي عبدالله صالح ، فالرئيس صالح الذي آثر على نفسه وأعلنها صراحة أمام الشعب أنه لن يسمح لأي من كان المساس بأمن واستقرار اليمن .
فما يتمتع به الرئيس علي عبدالله صالح من حكمة ورحابة صدر وقلب كبير ومتسامح منذ توليه مقاليد الحكم وحتى اللحظة لا يدعو لأي مواطن يمني أن يشق عصا الجماعة ويعلن التفرقة وبث الفتنة وترويع الناس.
لقد أثبت الرئيس عند إطلاق مبادرته الأربعاء المنصرم كم هو حكيم وكبير عندما استجاب لمطالب أحزاب المعارضة بتأجيل الانتخابات وإلغاء التعديلات الدستورية ولم يكتف عند ذلك بل أعلن عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة ولن يترك نجله الدخول في معترك الانتخابات أيضا.
كانت مبادرة الرئيس كفيلة بإخراس الألسنة التي تتفوه بالأكاذيب والأراجيف الباطلة ، كانت مبادرة الرئيس كفيلة بإيقاف كل شخص عند حده لمن يسعى إلى إثارة الفتنة حيث كون الفتنة أشد من القتل.
وأمام هذا الرجل الحكيم هناك شعب يؤمن بحب الله والرسول والوطن ، شعب لا يقبل على نفسه الانجرار وراء الدسائس والمؤامرات التي لن يكون ضحيتها أولاً وأخيراً سوى المواطن.
يجب علينا كأفراد وجماعات ننتمي لتراب هذا الوطن الغالي أن نرص الصفوف ونشمر السواعد لبناء نهضة اليمن وأن لا نجعل من المماحكات والخلافات والضغائن سبباً في تمزيق وحدتنا بأيدينا.
كما يجب علينا تأصيل حب الوطن والانتماء له في نفوسنا وتعزيز الشعور بشرف الانتماء لهذا الوطن والعمل من أجل رقيه وتقدمه، وإعداد النفس للعمل من أجل خدمته ودفع الضرر عنه، والحفاظ على مكتسباته وتعميق مفهوم السمع والطاعة لولاة الأمر والبعد عن كل ما يثير الاختلاف والفتنة انطلاقاً من قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم».
ويجب علينا أيضاً الابتعاد عن كل الإفرازات الحزبية والتعصبية الممقوتة ونشر المحبة والتسامح بين الناس والتعاون على البر والخير والصلاح.
أخيراً: نغفل كثيراً عن مفهوم حب الوطن ذلك المفهوم العملي الواقعي الذي يتعدى الشعارات البراقة والأناشيد الحماسية، إن أعظم هدية نقدمها للوطن هو ذلك الانتماء الذي يتعدى حدود الذات ومصالحها ومباهجها إلى تلك التضحية بكل دقيقة وبكل حواسنا ومشاعرنا في سبيل بناء ذلك الوطن.
وليكن شعارنا دائماً في الداخل والخارج : (وطني وان جارت علي عزيزة وأهلي وان بخلوا علي كرام)!.
عضو اللجنة الدائمة - رئيس الجالية اليمنية بالإمارات
محمد العامري
حكمة الرئيس ووفاء الشعب 2022