مدينة الراهدة في محافظة تعز اشتهرت قديماً بجمركها القديم وهو يعد أول جمرك في الجمهورية اليمنية.. وكان لذلك الجمرك الدور البارز بتجمع البضائع والسلع التي تصل قادمة من عدن والمحافظات الجنوبية سابقاً قاصدة إلى
محافظة تعز والمحافظات الشمالية ككل.
واشتهرت الراهدة أيضاً بأسواقها المتواضعة التي يتوافدون إليها الناس من جميع القرى المجاورة، لغرض شراء احتياجاتهم ومتطلباتهم وكذلك ممارسة البيع والشراء ومن هذه القرى "حيفان والأعروق والشويفة والأعبوس والصلو
والهجر والقبيطة والشريجة وكرش والبدو والرحيبة" ومناطق أخرى.
فمدينة الراهدة تعد الفاصل الهام بين الشمال والجنوب من خلال هذا الجمرك العملاق.. ولأبناء الراهدة الدور الكبير في الحفاظ على هذا الجمرك آنذاك.. وكذلك لأبناء الراهدة الدور البارز في الدفاع عن الثورة وتحقيق
الوحدة المباركة.. وكذلك لمشائخ الراهدة ومشائخ المناطق المجاورة القدماء الذين وافاهم الأجل الدور الرائع بإعطاء الراهدة البرواز اللامع والسمعة الطيبة التي من خلالها جعلت الناس يزورونها من جميع محافظات
الجمهورية.
وكانت هذه المدينة يطلق عليها كثير من الناس باسم "محافظة الراهدة".. لما شهدته من رقي ونهوض وازدحام في الحركة والسمعة الحسنة.. وفي 22 من شهر مايو من عام 1990م تحقق الانتصار العظيم في
تحقيق الوحدة المباركة.. وانتصر الشعب اليمني انتصاراً عظيماً.. وشارك أبناء الراهدة في هذا النصر العملاق وتفاءل الشعب اليمني وخصوصاً أبناء الراهدة بهذا العرس التاريخي والابتهاج العظيم الذي لطالما خيم على
قلوبهم وعلى قلب كل يمني وطني أصيل.
وظن جميع أبناء الراهدة، بل وجميع أبناء محافظات الجمهورية أن من خيرية وأهداف الوحدة المباركة هو الارتقاء بهذه المدينة الباسلة والنمو بها إلى الأعلى من خلال الاهتمام بها من مشاريع خدمية وبنية تحتية وتطوير مستمر
ومتواصل.. إلا أن الجميع أندهش من تهميش وتجميد وإهمال شديد.. ونسيان ونكران دور هذه المدينة من قبل الدولة، بل لم يعطوها حقها بتتويجها بلقب مدينة الراهدة.. ولم يعطوا هذه المدينة النصيب الأكبر من النمو
والارتقاء والازدهار.
والذي زاد الطين بلة أن الدولة سلطت المشائخ عل هذه المدينة وتسليمهم مفاتيح زمامها.. ليجد أبناء الراهدة جبروت المشائخ مكافأة لهم ولدورهم البارز وكذلك صراع المشائخ الذين بثوا جميع أنواع الرعب والفوضى والإذلال
والقهر والظلم داخل مدينة الراهدة.
بدلاً من إن كانت الراهدة يضرب بها المثل الأعلى في شموخها وعزتها.. وبدلاً من إن كان يشد الرحال لزيارتها جعلت هؤلاء الناس يرحلون منها وينتقلون للعيش بمدن أخرى حافلة بالهدوء والأمن والاستقرار، بعيداً عن
الابتزاز القهري والتخويف والترهيب.. بما في ذلك صراع المشائخ الأجلاء.
علي محمد عبدالله الصغير
مدينة الراهدة بين الحاضر والماضي 4800