سبق وأن كنت قد تناولت في أحد المواضيع حول خلافات الحاكم والمعارضة بشأن الانتخابات القادمة, أكدت فيه أن الطرفين لن يغادرا طاولة الحوار إلى ما لا نهاية, ما دام ماما أميركا في الوجود والكل يعمل لها ألف
حساب.. لا وهي راعي الديمقراطية في بلاد العروبة والإسلام وعدو القاعدة وحمامة السلام في فلسطين منذ عشرات السنين والدليل على ذلك ديمقراطية العراق الشقيق والحرية التي يتمتع بها الشعب العراقي بعد القضاء على
نظام صدام الديكتاتوري ـ حسب الاميركان، ماما أميركا زرعت السلام داخل فلسطين بأنهار من الدماء الفلسطينية التي تسيل كل يوم وجعلت من جماجم أطفال وشيوخ فلسطين أساسات للمستعمرات الصهيونية المتواصلة في البناء
والاتساع على حساب كل منزل عربي فلسطيني, ماما أميركا هي بالفعل نصير المرأة وحامي حقوقها والدليل على ذلك إجراءات نزع الحجاب والتفتيش الذي تخضع له كل امرأة حالفها الحظ بالدخول إلى السفارة الأميركية.
لذلك لا نلوم قيادة المشترك وهم ينتظرون السيدة/ هيلاري كلينتون ـ لأكثر من أربع ساعات داخل السفارة ليتم لقاءهم بها الساعة السادسة مساء.. ولا نعلم أن كانوا قادة التغيير قد أدوا صلاة المغرب داخل مبنى السفارة أم
شغلهم انتظار السيدة عن أداء الصلاة ؟!!.
هذا الاهتمام و ساعات الانتظار تؤكد أن قادة التغيير جزآهم الله خير يعولون كثيراً على لقائهم التاريخي بالسيدة ـ هيلاري كلينتون ـ لحل مشاكلهم مع الحزب الحاكم وحل مشاكل الملايين من القواعد الشعبية لأحزاب المعارضة
وحل مختلف مشاكل اليمن السعيد.. وأصدقاؤنا في بلاد العم سام "حلالين العقد" وإذا لم تصدقوا سلوا إخوانكم العراقيين والصوماليين والفلسطينيين واللبنانيين وغيرهم ممن سبق لماما أميركا وأن قامت بحل عقدهم ومشاكلهم
على الآخر ..
وبعد طول انتظار تأتي وزيرة الخارجية الأميركية لتستمع من قادة التغيير في بلادنا من خلال شرح مفصل حول مراحل مهزلة ومسرحية الحوار التي تمت خلال عامين.. وعن الوضع الحرج الذي تمر به البلاد وهذا كله لا
يهمها كما عهدناها ماما أميركا بقدر ما تهمها مصالحها في كل بقاع العالم لتوجه سؤالاً واحداً إلى المخضرمين وهو "هل لديكم تصور لمرحلة انتقالية، بعدها تجري انتخابات لتنتقل السلطة إلى قائد آخر؟ ليأتي الرد بصورة جماعية
وبعد صمت رهيب لعدة دقائق بـ لا ؟ طيب ليش طلبتم مقابلة هذه المرأة الأميركية وتضيعوا وقتها الثمين.. هذه السيدة مش فارغة مثلكم كي تأتي وتسمع منكم شكى وبكاء وليش خلال الفترة الماضية أزعجتمونا في صحفكم
ومهرجاناتكم وخطاباتكم أن مشروع التغيير جاهز ولكن الحاكم متشبث بالحكم.. واكتشفنا فجأة من خلال الصديقة الأميركية أنكم مفلسون.. لا تمتلكوا أي تصور لمستقبل البلاد !!
كيف يمكن لتلك الملايين الذي تراهنوا عليها منذ سنوات وكل يوم تهددوا الحاكم بتحريك الشارع كيف يمكن لهذا الشارع أن يلبي دعواتكم بعد اليوم؟ وقد تخليتم عنه وارتميتم فجأة في أحضان السيدة الأميركية تنشدونها العون
والمدد؟! كيف يمكن للشعب أن يصدق خطاباتكم وأنتم لا تمتلكون أي رؤية أو تصور لإدارة البلاد والخروج من الأزمات؟.. ليتحقق مشروع التغيير الذي توهمونا به منذ "4" سنوات. اليوم اكتشفنا أنكم وفاسدي
الحزب الحاكم وجهان لعملة واحدة.. تتبادلوا الأدوار لإلهاء الشعب عن حقوقه المنهوبة والأمة ومشاكله المختلفة التي أنتم جزء منها؟.. ماذا يعني الوطن بالنسبة لكم هل يعني خيرات منهوبة أم يعني مؤامرات محدقة من كل
جانب؟ هل يعني اقتصاد منهاراً أم يعني مشاكل اجتماعية ومذهبية وقبلية وغيرها؟!.
إن الوطن لا يعني لكم سوى وزارة أو مقعداً في البرلمان أو إدارة منظمة مدنية مشبوهة ومدعومة باليورو والدولار.
تعلمنا من التاريخ أن قادة الإصلاح والتغيير هم دائماً أولئك الذين يصنعون البطولات والانتصارات بجهودهم البسيطة دون الرجوع إلى القوى العظمى وأي شيء أجنبي ,نطرح ملاحظاتنا هذه لكم بكل صدق وشفافية حتى لا نفقد
الأمل في إصلاح أوضاع هذه البلاد.. فالنضال السلمي وانتزاع الحقوق ليس بحاجة إلى أخذ الإذن من ماما أميركا وغيرها ولتعلموا جميعا أن ثبات الموقف والرأي من عوامل النجاح ولو بعد حين.
عبدالوارث ألنجري
بين أحضان المعارضة وفي ضيافة الحاكم 1974