ضحكت فقالوا : ألا تحتشم .
بكيت فقالوا: ألا تبتسـم .
تبسمت قالوا : يرائي بها .
عبست فقالوا: بدا ما كتم .
صمت فقالوا: كليل اللسان .
نطقت فقالوا: كثير الكلام .
حلمت فقالوا: صنيع الجبان ولو كان مقتدراً لانتـقـم .
يقولون: شذّ إذ قلت لا .
وإمعة حين وافقتهم .
فأيقنت أني مهما حاولت إرضاء الناس فلابد أن أذم .
فهل فعلاً كما يقولون ( إرضاء الناس غاية لا تدرك ) ..
ويحكى أن رجلاً وابنه ومعهما حمار وكانا في سفر ، فركب الأب وترك الابن ومشيا، فمروا على قوم فقالوا :
يا له من أب ليس فيه شفقة ولا رحمة يركب ويترك هذا الابن المسكين يمشي وراءه .
فما كان منه إلا أن نزل وأركب ابنه ، فمرا على قوم آخرين فقالوا: ياله من ابن عاق يترك أباه يمشي وراء الدابة وهو يركب الدابة .
فركب الاثنان على الدابة ومروا على قوم آخرين فقالوا: يا لهم من فجرة حملوها فوق طاقتها .
فنزل الاثنان ومشيا وراء الدابة، فمرا على قوم فقالوا: حمقى مغفلون، يسخر الله لهم هذه الدابة، ثم يتركونها تمشي ويمشيا ورائها .
ومن منطلق هذه القصة القصيرة يتضح لنا قول الحق جل وعلا :(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ َ ).
الحقيقة أنني اتبعت فضولي الذي قادني إلى كتابة هذا المقال بعد أن قرأت أمس مقال الأخت/ أحلام القبيلي، عندما كنت استعرضه للنشر، فبقدر ما كنت سعيداً لقراءته، فقد بدت ملامح الحزن على وجهي وأنا أقرأ ردود الإخوة القراء على بنت القبيلي وأدهشني أنني وجدت أشخاصاً وكأنما يتصفحون «أخبار اليوم» لاقتناص أي موضوع أو فكرة أو جملة أو كلمة قد يجدونها مخالفة لأفكارهم وتوجهاتهم، حتى يقوموا بالرد عليها عبر بريدها الالكتروني الخاص .
ليس الغريب ما يتم إبداء الرأي حوله من خلال ما تطرحه «وكيلة آدم»، فهذا رأيهم في الأول والأخير، فالجميل أن كاتبتنا العزيزة لديها قلب رحب ويتسع للجميع سواء أصحاب الآراء الحلوة أو المرة أو البيضاء أو السوداء.. لكن الغريب هو أنني وجدت كثيراً من القراء الأحباب التي تزهو الصحيفة بهم وبمتابعتهم المستمرة لهذه المطبوعة اليومية الفريدة بكتابها وقرائها على حد سواء وهذا ما أثلج صدري ودفعني لبذل الجهد أكثر وأكثر .
والمهم يا سادة أن من يقرأ الردود التي تتلقاها الكاتبة أحلام يظن أن بلادنا أصبحت خالية من المشاكل والهموم ولم يعد هم هؤلاء الناس سوى أحلام القبيلي وماذا قالت وماذا كتبت ولماذا تساءلت ولماذا مدحت ولماذا ذمت .. ولماذا ، ولماذا ، .. إلخ .
أنا لست ضد هذه الآراء، فأنا أيضاً أتلقى الردود الإيجابية والسلبية وأضعها بعين الاعتبار، كون الاحترام يحتم علينا القبول برأي الآخرين واحترام توجهاتهم وأفكارهم ، ولكن كنت أتمنى أن تصب كل هذه الردود والآراء لحل المشاكل التي تواجهها البلاد وتعصف بالوطن، فأنا على ثقة بأن من يقومون بالرد على كتابات بنت القبيلي هم أناس مثقفون ومن الشريحة التي يتطلع فيهم الجميع الخير لنهضة الأمة وبناء يمن خال من الشوائب والأزمات ، لكن الأحرى بنا أن نلتفت إلى ما يهدد أمن وطننا الحبيب وإلى المؤامرات التي تحاك ضده داخلياً وخارجياً ولنترك المماحكات والأمور التي لا تجدي نفعاً في حلحلة مشاكلنا وهمومنا اليومية فنحن شباب اليوم يأمل فينا آباء الأمس وأبناء الغد خيراً، لأننا من يقود زمام الأمور بقوتنا وعلمنا وأفكارنا .
ولا أنكر هنا أنني أستمتع بما تطرحه وكيلة آدم في «أخبار اليوم» كغيري من القراء الذين يزداد إعجابهم يوماً بعد يوم بمقالات الأخت/ أحلام القبيلي التي تسعى من خلال طرحها إلى معالجة الكثير من القضايا الاجتماعية والأسرية، التي كنا بعيدين عنها ابتداءً من الرئيس وانتهاءً بالطفل الرضيع .
لقد أصبح مقال وكيلة آدم المنشور يومياً في الصحيفة بمثابة الفاكهة اليومية التي تتوسط مائدة الغداء ، فهناك الكثيرين من الناس تختلف توجهاتهم عن الآخرين وقد لاحظت أن بنت القبيلي تسعى من خلال مقالاتها إلى إرضاء جميع التوجهات ولكن يبدو فعلاً كما يقولون ( إرضاء الناس غاية لا تدرك) ، كما أنها لا تستحق منا الجفاء والمزايدة ، بل يجب علينا أن نشد على يديها لمواصلة مسيرتها التنويرية .
وهنا أقول لكل قرائنا الأعزاء رفقاً بـ(أحلام)، فهي تمثل المنبر التوجيهي للأسرة والمجتمع في صحيفتنا الموقرة والتي ستقوم من بداية العام القادم وخلال الأيام القادمة بإصدار ملحق شهري لـ»أخبار اليوم» يهتم بالشأن الأسري والذي سيمثل نقلة نوعية لنا في الصحيفة ونجاحاً باهراً نسأل من الله لنا ولها التوفيق لما فيه مصلحة الوطن والمواطن .
ولكن أعتقد أن هذا لن يمنع الأخت/ أحلام من الطرح الذي يرضي الله عز وجل ويلبي آمال الأسرة اليمنية والاستفادة من الطروحات المتكررة لكثير من المواضيع الهادفة والبناءة والصادقة ، فمن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس .