قبل أسبوع كلفت من قبل أحد الرجال الخيرين بالبحث عن مجموعة من النساء المحتاجات الطاعنات في السن لتوزيع مبلغ من المال عليهن، كان الرجل قد سلمني إياه حينها.
وفعلاً نفذت ما طلبه مني وبدأت بالبحث وتوزيع المبالغ عليهن وإيصالها إلى بيتهن واستعنت بأخي العزيز للذهاب معي لبعض البيوت في الأماكن التي يصعب الوصول إليها.
وعند طرقنا لواحد من تلك البيوت المعوزة، فتحت لنا امرأة عجوز تلبس نظارة سميكة جداً والابتسامة تملأ وجهها الشاحب... سلمتها الظرف ولكنها ترجتني وطلبت مني الدخول لأمر كنت أجهله حينها... أخذت أتبعها وهي تمشي بصعوبة... بيتها نظيف جداً على الرغم من علامات الفقر الواضحة بين أركانه... لا رائحة منبعثة من هنا أو هناك حتى رائحة طبخ الطعام لم أجدها رغم أننا جئنا وقت الظهيرة أي وقت الغذاء فلم أكن أشتم سوى رائحة الهواء .. رائحة اللاشيء!! هل لأن هذه العجوز الطيبة نظيفة إلى هذه الدرجة؟ أم أن هذه النظافة جاءت من عدم وجود طعام يطبخ؟.
انتهى بنا مشيها البطيء إلى غرفة صغيرة جداً ترقد فيها فتاة شابة في ربيعها الثلاثين والذي تحول بسبب شلل أصابها إلى خريف دائم وجعلها طريحة الفراش تعجز عن المشي أو الحركة بعد أن كانت إلى قبل سنتين تمشي وتعيش حياة طبيعية مثلها مثل بقية الفتيات.
كان الألم يعتصرني وأنا أستمع لشكواها وتمنيت لو أنني لم أكلف بهذا العمل الإنساني المليء بالوجع... لكنني استعذت بالله وطلبت منه أن يمنحني العزيمة لمساعدتها وأن لا أقف وقوف المتفرجين الذين يكتفون بضرب الكف بالكف والتمتمة ببعض الكلمات المليئة بالحسرة والشفقة ومن ثم إدارة الظهور وكأن شيء لم يكن .
فالكثير منا يمنح نفسه المبرر للهرب من تأنيب الضمير حين تصادفه حالة إنسانية بحاجة لمن يمد لها يد العون لإخراجها من مأساتها من خلال إقناع نفسه أنه لا يملك القدرة على ما يمكن أن يقدمه ولكن ذلك ليس أكثر من مغالطة للنفس ومحاولة خائبة للإفلات من واجب يفرضه عليه الواجب الديني والأخلاقي والإنساني.. لكننا نؤكد أن هناك ما بوسع كل إنسان أن يقوم به ولو من خلال ما جاء في الحديث الشريف القائل : ( الدال على الخير كفاعله) .
حليمة التي تسكن مع والدتها في سكن متواضع في كريتر - الخساف – شارع صلاح الدين وحدة فيصل – مشعبة – عمارة خليل – شقة رقم 6 , لا يشاركهما السكن إلا مشاعر الألم... ولم يجدا من يحمل عنهما همهما ويحررهما من عجزهما.
ليتخيل كل منا أنه في وضع حليمة وهي في حالة عجز تام وأن كل من يقف في وجه حياتها الطبيعية هي خمس تذاكر سفر وعمليات جراحية ستعيد الحركة إلى قدميها وتبث بهما الحياة من جديد لكنها لا تملك قيمة تكلفتهما ولا تستطيع الحصول عليها ... يقيناً أن ذلك يضيف إلى عجزها الجسدي الشعور بنوع آخر من العجز.
حليمة التي لا تملك قدرة الحصول على ما يخلصها ويخرجها من عجزها، هي بحاجة إلى من يقف معها ويأخذ بيدها... التقارير الطبية التي تتوسدها حليمة ولم تجد من يصغي لآلامها تؤكد بأن حالة حليمة بحاجة إلى عملية جراحية في العمود الفقري وأن نجاحها مضمون وتوصي هذه التقارير بالاستعجال في سفرها إلى الهند .
هي أيضاً بسبب عجزها الجسدي تحتاج إلى خمس تذاكر سفر.. أربع لها والخامسة لمرافقها في سفرها .. أربع لها لأنها لا تملك القدرة على الجلوس فهي بحاجة لأربعة مقاعد.. كل توصيات الأطباء الذين عاينوا حالة حليمة أكدت أنها ستعود إلى حالتها الطبيعية إذا ما أجريت لها تلك العملية التي تقرها التقارير الطبية.
نداء أوجهه إلى كل القلوب التي مازالت مملؤة بالرحمة لمد يد العون لحليمة لتحقيق حلمها في التخلص من العجز.. فمازالت الدنيا يسكنها الكثيرون من أهل الخير الذين نثق بأنهم لن يبخلوا في زرع الفرحة في قلب حليمة.
نداء خاصاً نوجهه إلى السلطة المحلية في المحافظة ممثلة بالمحافظ ونائبه وإلى كل من: د. نجيب العوج ، عاتق أحمد علي ، عبد الجليل الشعيبي ، حسن سعيد ، رشاد هائل ، سالم باثواب، سعيد باهدا... ولكل من يستطيع أن يكفكف دموع حليمة.
للتواصل مع أسرة حليمة يمكنكم الاتصال على الرقم / 737201111
سعاد محمد عبدالله
حليمة ذات الثلاثين ربيعاً 2150