قد أستفيد اليوم أو غداً من الفوضى لأجني فائدة مادية أو معنوية، قد أستحوذ على شيء وأنا أعلم أنه ليس من حقي بل من حق شخص آخر هو الأحق والأقدر والأجدر ولكن رغم ذلك أخذه، لا يهمني ما سيكون رد فعل هذا الذي سلبته حقه كما لا يهمني ما سينعكس على حالته وأدائه لأعماله وقد رأى غيره أخذ حقه أمام عينيه.
وما هو رأيك أن كنت مكان هذه والذي أخذ حقه؟! دعونا لا نكثر من الفلسفة وندخل إلى الموضوع بصريح العبارة فنقول: إننا بأمس الحاجة إلى النظام اليوم أكثر من أي يوم آخر ولكن من أين نبدأ.. وقد رحلت الفوضى بالشاة والبعير..؟ وهل فرض النظام سيجب ما قبله؟.
أقول أن الأهم من كل هذا أن نؤمن بالنظام كحل للخروج مما نحن فيه وأنه الوحيد القادر على وضع البداية الصحيحة السليمة ووحده القادر على حل باقي المعضلات.."كيف"؟.
أقول أيضاً: إن الإيمان بالحل سيدفعنا لتأيده ولو على حساب أنفسنا، أترى أن المريض بالسرطان يوافق على بتر واستئصال الجزء المصاب من جسمه، فهل هنا أغلى من جزء من جسدك، سوى أن الحفاظ على الباقي يقتضى استئصال الجزء من أجل الكل.
وهناك مثال آخر من أجل الكل..
وهناك مثال آخر: كأن تسير في طريق طويل وقد قطعت شوطاً طويلاً فيه وصادفت من تثق به ليخبرك أنك تسير في الطريق الخطأ وأن هذا الطريق لن يوصلك إلى الهدف الذي تنشده ترى هل تقبل نصيحته وتعود لتسير من حيث الطريق الصحيح..؟ في رأيي أنه من الغباء الاستمرار في الطريق الخاطئ حتى وإن كان من وجهة نظر ـ من يسير في الطريق ـ أن هذا السبيل أسهل عليه من الطريق الصحيح الذي قد يكون حافلاً بالمشاق ووعراً.
وهذا ما ننشده من فكر لدى العامة ليكونوا مؤهلين وعن اقتناع للعودة ومن ذات أنفسهم إلى السير في الاتجاه الصحيح.
كما أن الخروج عن النظام قد يكون خروجاً عن الدين كمن يحفظ أركان الإسلام ولا ينفذ أوامر الله ونواهيه.. "وقد يقول قائل: كيف هذا..؟".
فأقول له: أوليس الذي يخترق النظام ليستحوذ على ما ليس له حق ظالماً لغيره ومغتصباً لحقه مخالفاً بقوله تعالى: "لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالباطل.." صدق الله العظيم.
ثم أوليس الراشي والمرتشي والرائش بينهما ملعونون جميعاً كما أوضحه الحديث الشريف واللعن طرد من رحمة الله التي نسألها من الله في كل صلاة.. والرشوة كما نعلم جميعاً وأخذها مخالفة للنظام الذي يمنحها بموجب قاعدة هدايا الأمراء غلول.
كذلك فإن النظام يعطيك أكثر مما قد تأخذه بمخالفته واستغلالاً للفوضى "كيف"؟.. قد تكون اليوم في مكانة تسمح لك من الاستفادة بطرق غير نظامية لتحصل على ما تريده، فهل تضمن هذا البقاء رغم أن القاعدة تقول بأن لكل زمان دولة ورجال.. فقد يذهب العامل المساعد لك من قرابة أو صداقة أو مال..إلخ. وأردت أنت وأبنائك ما تحتاجونه عبر النظام فتجد أن الفوضى ذهبت بحقك وحق أبنائك لمن لا يستحقه.. كما فعلت بالأمس القريب فيذكرك أحدهم بأنك كنت بفعلتك تلك سبباً لفوضى اليوم بشكل أو بأخر.. ألا ترى أنك بفعلتك تلك قد أسأت إلى نفسك وأبنائك.
إذاً فالنظام مطلبي ومطلبك ومطلب الجميع وفرضه ضرورة لحفظ مصالحنا جميعاً ولو على حساب مصالحنا وكفانا عبثاً واستفادة من فوضى وطرق لا مشروعة ضيقة تضيق علينا الخناق يوماً بعد يوم، وتجني تعاستنا وتعاسة أبنائنا وأن أدركنا كل هذه الأمور فلا يجب أن نفكر بالباقي، فالنظام كفيل بوضع الحلول الملائمة وقادر على بداية سليمة، المهم أن نطلق له العنان ونؤمن به ونقف خلفه بل ونبدأ بفرضه على أنفسنا حتى نستطيع أن نحاسب غيرنا.
فالنظام اليوم أيها السادة أصبح مطلباً عاماً والمتضررون منه الآن هم مطالبون لمساندته وفرضه على أنفسهم وعلى الآخرين، فالمتضررون هم السواد الأعظم والمسترزقون من الفوضى قلة يجب أن تسحق وتهزم وبالنظام سيحاسبون ويساءلون.
شهاب عبدالجليل الحمادي
يبقى النظام مطلب عام 1600