;
محمد الحيمدي
محمد الحيمدي

من يوقد النيران ويقودنا إلى المحرقة؟ 1676

2010-12-20 01:59:27


شكسبير قال ذات يوم: "أحذروا هذا الرجل أنه لا يقرأ الشعر" وذلك تعبير عن فضاضة الرجل وجلافة طباعه.. التي لا يروضها سوى الشعر.. لا يؤنس الوحش الكامن غير شفافية الشعر، وجزالة صوره وقدرته على إنارة أكثر المناطق عتمة في النفس البشرية بقيم العدل والخير والجمال.. قيم هي نقائض لكل فعل جائر ظالم قبيح.
وأكثر الناس حاجة لقراءة الشعر هم ساسة هذه البلاد الدائبون على انتاج كل الكم المهول من الشرور والشقاء اللذين يشقون بهما مادونهم.. ويفرضون على العامة إلزامية تعاطيه بانتظام.
الساسة يعلنون مجانية منتجاتهم الشريرة ووفرتها لتغطي احتياجات كل الفئات العمرية من الطفل الذي يحرم من التعليم لكلفته العالية إلى الذي يأكل أجمل وأخصب سنوات عمره أرصفة البطالة وانسداد الأفاق في وجه عائل الأسرة الحائر في فك طلاسم الراتب المهزوم أمام مصادر ارتفاع أسعار السلع الجنوني وضغوط لقمة العيش "الغداء".. إلى الكهل الذي لم يعد معاش التقاعد قادراً على انقاذ شيخوخته من ذل الحاجة.
ترى من يصنع كل هذه المآسي؟ من يطرد الناس من وظائفهم وبيوتهم وأوطانهم؟ من يقونن الفساد من يعمل على تفشيه وستره.. من يطهر مؤسسات الدولة "الشعب" ويعيد بناءها وفق وجهات صندوق "النكد" قصدي النقد الذي هو الآخر فشل في أن ينأى بنفسه من أن يكون مطية "وركوبة" لاساطين الفساد الرسمي.. روشته تصفوية دعت إلى تقليص الجهالة فجعلوا منها مناسبة لتدشين حملة واسعة النطاق بين أوساط المغايرين والمخالفين لترويكة الحكم؟
من هندس وخطط لكل المآسي التي يعيشها الوطن والمواطن.. بوادر حرب سابعة في صعدة.. إحتقان، ووضع متفجر في الجنوب.. إرهاب وإرهابيون وتنظيم قاعدة.. قتل يومي للأبرياء محاكمات صورية وتهم كيدية وأحكام جائرة وملاحقات ولبج واختطافات ليلية وفي عز النهار من المنازل وقارعة الطريق وأماكن العمل لصفوة ومبدعي هذا الوطن ـ محامين وكتاب ومفكرين وحقوقيين وسياسيين وفنانين..إلخ.
حروب قبلية ونعرات طائفية مقيتة.. شرعية مجروحة حرية مكبوتة وسياسة باطشة وإفقار مترامي الأطراف، من يجعل من المؤسسة العسكرية وفق أولويات غير وطنية؟ ويحول وظائفها من حماية السيادة والذود عن الوطن إلى أداة لقهر وقمع وقتل الناس تمنح نفسها حق التدخل في كل الهيئات المدنية..وتصنع هياكلها وكياناتها الموازية للمؤسسات الشرعية بل فوقها قتلة ومجرمون وقطاع طريق وخاطفون..إلخ.
من يقود البلاد بخطى حثيثة وحماس منفلت صوب انفجار اجتماعي.. يصب حمم الاستياء الشعبي، على نيران يوقدها الجنون الحكومي برفع الأسعار والجرع المتتالية القاتلة .. وتحويل الرغيف من حق مكفولة إلى عزيز غائب ومستحيل..من يفعل بالناس كل هذه البلايا.. يرتكب الأخطاء ويصنع الخطايا بضمير مستريح ودم بارد وأفعال بعيدة عن كل محاسبة، أفعال مسنودة بقوة المصالح وروابط الانتماء الفاسد إلى ذات البؤرة العويصة.
من يضاعف المعاناة ويضرب الجائعين تحت الحزام وفي كل جزء من أجسادهم المنهوكة .. ويتوعدهم بالموت جوعاً، وقهراً وبسيوف الفتن وحراب الاقتتال؟ من ينتج كل هذا البؤس الإنساني؟ ويعبأ النفوس بديناميت الإحباط واليأس.
ويعد أرضية النزال مع الشعب الغاضب الجائع الموعود بمزيد من الجرع الكارثية تسحب من تحت أقدامه البساط، تجرده من اللحاف وتفرض عليه خيارات إصلاها مر وكل يقود إلى الكارثة أياً كانت مستويات الحصافة أو القدرة على عدم الانسياق خلف لسعات الجوع القاتلة، خيارات تتوزع بين الموت الصامت تحت حوافر قرارات التجويع أو الموت المدوي الصاخب والرافض لكل محاولة للقضاء على آخر صلة تربطنا بقرص الرغيف وكيس الطحين.
إنهم يسودون الملعب يحفرون الخنادق.. يعمرون البنادق يشحذون خناجرهم.. وكأنهم إلى رحلة لهو ومرح ذاهبون ذاهبون.. قرارات إدخال الحطام في عداد المستحيلات السبعة.. هي أخطر من جولة صاخبة.. تعلن فيها الحكومة في وجه الشعب المطحون فروسيتها وتخرج من ساحة المعركة منتصرة ومحمولة على أكتاف فرق مكافحة الشغب.
الجنون الذي هندست له السلطة وأخرجت جزء منه ـ حسب تصريحات وتوعد العديد من جهابذتها ـ وقذفته في وجه الشارع المشحون بعبوات الانفجار هذا الجزء من الجنون كانت عواقبه ومرتباته خطيرة.. ماذا كانت أخرج جنونها كله.. وهي على وشك إخراجه من تحت الطاولة ورف الانتظار ـ والذي تلوح به بطريقة يعد من الجائر والمحتمل أن تقبل الناس قرارات الإعدام والذل والهوان بالتصفيق والتهليل، لم يعد من الجائز والمحتمل أن تصمت الناس على كل هذه البلايا والجرائم أن تصمت وهي ترى الوطني ينزف ويصادر ويباع بالمزاد.. أن تصمت وهي تعاني وتذبح من الوريد إلى الوريد.
لم يعد من الجائز والمعقول أن تلطم وتفجع بكل ذلك ثم تخلد للنوم وتلوذ بالصمت.. إن القادم ليس مستصغر الشرر الذي يصنع عظيمه بل ربما كان الحريق المروع الذي يتراجع أمام لفحاته كل المعالجات السياسية الحوارية اللجانية البوليسية ووإلخ.
ترى من يقود هذه النيران وأشعلها بالأمس ومن يؤججها وينفخ فيها اليوم؟ وإلى أي مدى تحيل السياسي السلطوي الفض الأرعن.. وبخناجرهم وخناجرهم المعقوفة.. وهفوات أسلحتهم المصوبة إلى كل شيء جميل ومشرق في الحياة إلى الضمائر والفكرة في جماجم أصحابها إلى من يقول لا للجور والعسف وتسويق الوطن في سوف النخاسة والخيانة، لا لنهب وسلب ثرواته وخيراته.. إلى البطون الخاوية.. إنها سياسة جلفة حمقاء غير عادلة أو رشيدة.. ولأنهم سياسيو هذه البلد، كذلك فما أحوجهم لقراءة الشعر.. لعل في هذه القراءة ما يعيد لهم رشدهم وإنسانيتهم المفقودة ولقراراتهم وسياستهم الرهيبة قليلاً من الأنسنة!!
أيها الناس احذروا هؤلاء الساسة إنهم لا يقرأون الشعر.. ولا يقرون بالحق وبرابطة انتماء للإنسان وللوطن.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد