ظلت التشكيلة الجديدة للحكومة حديث الشارع اليمني، والشغل الشاغل لجميع فئاته وجميع مشاربه السياسية، فكان البعض يتنبأ بأسماء الوزراء قبل تشكيل الحكومة والبعض يدعي أنه سمح بها من مصادر مقربة من صناع القرار ليضفى على روايته شيئاً من المصداقية وقد تصدق بعض التبؤات.
وكان الترويج لأي تشكيلة وزارية جديدة يوجد أيضاً شيئاً من الأمل ويلامس نبض الشارع بما ستتبناه الحكومة الجديدة من استراتيجيات وخطط وبرامج ورأي جديدة تحملها وجوه جديدة مفعمة بالنشاط والحيوية، مشبعة بآمال وطموحات شعب، لأنها آتية من بين صفوف العامة..
وفي ا لعادة فإن تفاعل الشعب مع الحكومات مطلوب كأحد المقومات الضرورية التي قد تضمن نجاح برامج الحكومة، خصوصاً التي تتطلب مشاركة حقيقية من الشعب إلى جانب الحكومة كعنصر فاعل.. وكمثال بسيط وفي الثمانينات تقبل الشارع وقف استيراد الفواكه والخضروات لدعم الزراعة المحلية وحرمنا لسنوات منها وقام الشعب بدوره، فاتجه إلى الزراعة وهو ما نجنيه اليوم من محاصيل زراعية قد تفوق جودتها على الواردة من خارج البلاد.. إذاً فالثقة بالحكومة وبسياساتها ورجالاتها هو ما ضمن ذلك النجاح على أية حال.
واليوم لم يعد ذلك التفاعل الشعبي مع تسريبات تشكيلة وزارية جديدة، كما كان عليه في السابق لعدة أسباب ربما الانشغال بالحالة الاقتصادية وتدرب سبل العيش في ظل أسوأ موجات الغلاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية، هو السبب الأساسي.
لكن إن أقدمت إحدى الصحف المحلية على إجراء واستبيان في هذا الجانب سيظهر سبب قد لا يقل أهمية عن سابقه وهو أن الشارع قد سئم من استمرار أسماء بعينها داخلة ضمن التشكيلة الوزارية رغم تنقل البعض من وزارة إلى أخرى.. وربما قد يكون هناك من أصحاب الجدارة من يلزم عدم رحيله خارج الوزارة إلا أن التغيير قد يبعث بمزيد من الأمل سيما إذا لم تؤثر على عملية الاختيار أية معاير تكون مرفوضة لدى الشارع نوعاً ما، كالقرابة بمسؤولين سابقين أو بأصحاب نفوذ..إلخ.
سيما وأن الحكومات السابقة أيضاً لم تر أسلوباً آخر كإقالة وزير من منصبه لكونه سبب مباشر أو غير مباشر في أخطاء أو فساد في وزارته لا لشيء بل لكي لا يقال أنه لم يكن محل الثقة في بوتقة الاختيار الخاطئ، لا يحتمل الاعتراف بالخطأ على أي حال.
إذ لا توجد ثمة آلية توصلنا إلى الشخصية المطلوبة بكامل مواصفاتها "وقد تكلمنا في مقالة سابقة في هذا الجانب، محتجين بعدم وجود آلية صحيحة تعمل كرقابة على الأداء الوظيفي وتقييمه بمختلف هيئات ومؤسسات الدولة وبمعية ذلك انعدام مبدأ الثواب والعقاب..
المهم في نهاية المطاف نجد أن صعوبة التغير واحتفاظ أشخاص بعينهم بمناصبهم ذاتها أو بما يساويها يؤدي إلى صعوبة إقناع العامة بأهمية التغيير ودفع الشعب في اتجاه يكفل أداء الدور المنوط به، كما أن استثناء أشخاص يفترض أن تلعب دور هام، نظراً لما يتوافر فيهم من مقومات تضمن نجاحهم، ولأسباب تافهة كالانتماء الحزبي وهو ما زاد الطين بله.
واليوم نحن في أمس الحاجة إلى رياح تحمل إلينا بشرى التغير بعدالة مجردة لا تؤمن بمبدأ ابن "البط عوام".. بل تؤمن بأن لكل زمان دولة ورجال، كما قد لا تنتج الجمر سوى الرماد.
وهنا نختبر معادن الرجال القادرين على خدمة وطنهم وشعبهم في الوزارة أو في غيرها وصدقوني نزل الوزير او رحل أو مات "لن تخرب مالطة"، وربما بعضهم هو سبب ما نحن عليه من حال إما لفساده أو لسوء أدائه وربما تغيره خير لنا وله.
ختاماً نسأل الله أن يختار لنا الخير فالأمل به لا بسواه.
شهاب عبدالجليل الحمادي
قالوا الوزير شنزل 1549