ذكرت في مقالي السابق أن المجتمع قد انقسم إلى ثلاثة فرق، الأولى منها "التي تسعى إلى الإصلاح والرقي من أجل بناء مجتمع مسلم"، يجب أن ندعو الجميع ليتحدوا مع هذه الجماعة التي عرفت بأن لها عمل تؤمن به وتقبل عليه وآمنت أن كمال وجودها ليس بالاستقامة فحسب وإنما بالبذل والعطاء!!.
وبما أننا نبحث عن خطوات واثقة في طريقنا نحو مجتمع مسلم فقد أسعدنا الداعية الإسلامي الدكتور/ عمرو خالد ـ بمشروع بلدة طيبة والذي نحتاج إليه هذه الفترة أكثر من أي وقت آخر حيث أننا بحاجة إلى توقيت دقيق وخطوات واضحة لنعوض تأخرنا.
فما نسمعه اليوم من انقسامات وشغب لا تمت إلى ديننا الذي أتى بحنيفيته السمحة بأي صلة ولا إلى جينات هذا الشعب الذي وصف بالإيمان والحكمة منذ 1400 عام، كما كرر ذلك الداعية د/ عمروخالد ـ في أكثر من خطاب له في زيارته الأخيرة لأرض البلدة الطيبة والتي للأسف قد ابتعدت اليوم كثيراً عن هذه التسمية القرآنية التي وصفت بها.
وبما أن القرآن خالد إلى يوم الدين فإن المعادلة التي يجب علينا أن نفهمها جيداً هو أنه من الممكن أن تأتي بعض الأفكار السلبية والشذوذ التي تنحرف عن القاعدة المتينة فتكون كالقناع المزيف الذي يغطي وراءه حقيقة ناصعة، والقناع الذي غطى حقيقة الأرض الطيبة هو التطرف والعنف الذي أصبح دخيلاً على هذه البقاع والتي احتضنت في حقبة من التاريخ عرش بلقيس التي وصفت بالحكمة في القرآن الكريم والتي انتهجت الشورى والحوار وكانت مثالاً للوسطية، فأنقذت مملكتها وشعبها واستحققت أن توصف بذلك الوصف الرائع لتكون مثالاً يقتدى به ولكن لمن أراد أن يتبع وسطية هذا الدين العظيم وسماحته التي تمثلت في شخصية أعظم قائد في تاريخ البشرية ـ "محمد صلى الله عليه وسلم ـ حين سأل من قاموا بأذيته ومحاصرته في شعاب مكة عندما أتاهم فاتحاً منتصراً: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟.. فأجابوا: أخٌ كريم.. فقال: أذهبوا فأنتم الطلقاء".
نعم هذه حقيقة ديننا نصرخ بها بأعلى صوتنا في وجه من أراد أن يضع هذا القناع المزيف فيري الآخرين قناعاً مخضباً بدماء الأبرياء فيظنون أن هذه هي حقيقة الإسلام ونحن قبل كل شيء ندافع عن الصورة الحقيقية الناصعة للإسلام قبل أن نكون مدافعين عن أرضنا الطيبة التي ستخلد بإذن ربها طيبة شاء من شاء وأبى من أبى.
وآن الأوان لنمزق هذا القناع بنشر أفكار الوسطية والتسامح والحوار البناء الذي يستطيع من خلاله المخلصون والأوفياء لدين الله ولهذا الوطن أن يكونوا خط الدفاع الذي يحمي الإسلام وهذه البلدة الطيبة من التطرف ويكونوا ينبوع يفيض على هذه الأرض سلاماً ومحبة وصلاحاً ورقي.. فالحق لابد أن يعلوا ويغلب حتى وأن نفش الباطل ريشه فهو في الأخير الزبد الذي يذهب جفاء!!.
وأنا الآن أخاطب كل فرد يريد أن يكون من أهل الحق "رجال ونساء وشباب، قيادات سياسية ، أحزاب ومؤسسات" أن يلتفوا حول مشروع بلدة طيبة كل بما يملك وبما يستطيع.
وليكن السلام عقيدة راسخة وإيماناً أعمق ولنكون جميعاً في مشروع واحد بخطوة واثقة في طريقنا نحو مجتمع مسلم.
وفي الأخير أقدم شكري وامتناني لأستاذي الذي تعلمت منه الكثير د/ عمرو خالد على مبادرته الطيبة من أجل الأرض الطيبة وأقول له ولإتحاد صناع الحياة العالمي الذي أنتمي أيضاً له: "أن أهل الخير والوسطية في هذه البلدة كثير وسنوصل لهم صوتنا ونداءنا بأن يكونوا جميعاً معنا لندافع عن حقيقة الإسلام والأرض الطيبة معاً من أجل بناء المجتمع المسلم الذي ننشد له..
عفاف عارف الزكري
الطريق نحو مجتمع مسلم"2" 1834