في وقفة شعبية غير مسبوقة اكتظ ملعب الوحدة بأبين بالجماهير الرياضية حتى ضاق بهم وفاضت جوانبه بالجمهور الأبيني لمؤازرة منتخبنا الوطني رغم خسارته الثقيلة أمام الفريق السعودي، حتى أن أفراداً من مشجعي دولة الكويت فوجئوا "كما غيرهم" بهذا الموقف الرائع للجمهور الرياضي الأبيني الذي تكدس أفراده على شرفات الملعب وظلوا ست ساعات متواصلة مرابطين ومتفاعلين بحماس منقطع النظير لمساندة المنتخب الوطني حتى نهاية المباراة، رغم الخسارة أمام المنتخب القطري الذي كانت معقولة في الحدود الدنيا.
هذا الجمهور الكروي قدم وقفة وفاء نادرة شهد لها الأشقاء الحاضرون حين قال أحدهم: إن هذا الجمهور الرياضي أكثر بكثير من جمهور بلدنا حين نظم دورات الخليج الرياضية، وأضاف: لقد تفاجأت فعلاً بهذا الحضور الكثيف وهذه الروح الرياضية الوفية لمنتخبها، خاصة وأن الإعلام قد نقل صورة مشوهة عن أبين فصورها لنا وكأنها محافظة تقف على صفيح ساخن ولا يأمنها الناس.. ولكننا وجدنا عكس ذلك تماماً.
هذا الكلام التلقائي قاله مشجع كويتي مسن لا أظنه يحتاج إلى "مجاملتنا" ولكنه رأى واقعاً مغايراً لما يردده الإعلام عنا، فكان منصفاً في شهادته وهو يجلس في ركن قصي من الملعب.
إن هذا الوفاء الجماهيري الأبيني الكبير كان رغم المعاناة وجحود السلطة تجاه أبناء أبين الخير والعطاء.. ورغم كل شيء فأن هذه الوقفة الرائعة هي فرصة أخرى ينبغي أن تدفع إلى الاهتمام بهذه المحافظة الخضراء والعمل على معالجة هموم أبنائها وفق المتاح لا أكثر من تطوير وتأهيل البنية التحتية فيها التي وصلت إلى الحظيظ وتقوية الكهرباء ومعالجة وضع مياه الشرب المتدهور وإن كانت قد بدأت التعافي التدريجي مؤخراً وإصلاح حال النظافة وإعادة تأهيل شبكة الصرف الصحي، والتوزيع العادل للشواغر الوظيفية وإبعاد سماسرة التربية عنها والالتفات إلى الكوادر والكفاءات الوطنية التي قدمت لأبين والوطن عطاءات وجهود كبيرة، والاهتمام بالسلم الاجتماعي ووضع الخطط والبرامج الجادة للتخفيف من وطأة الفقر الذي يعاني منه أكثر من 40% من أبناء المحافظة ـ حسب الإحصاءات الرسمية ـ والاعتماد في تنفيذ هذه الخطط على الكوادر المشهود لها بالنزاهة، وتلافي الانهيار الأمني والحد من تمدد الفساد وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب ولو في حدوده الدنيا.. عندها سيرى القائمون على أمر هذه البلاد مدى تجلي الوطنية الصادقة لدى السواد الأعظم من الناس وستتضافر الجهود وتتوحد الطاقات ويتعافى الوطن حين توضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الأنانية وسيتعزز الولاء الوطني الذي شابه التراخي.. جربوا الإخلاص والأمانة مع الجماهير ولو لمرة واحدة وسترون كم هي وفية وقادرة على العطاء والتضحية ورد الجميل بالجميل.
إشارة:
في عام 2008م خرج مئات الشباب في تظاهرة غاضبة في زنجبار ورددوا خلالها شعارات انفصالية بسبب رفض اللواء تجنيدهم بعد استدعائهم من المديريات النائية، حينها خاطبهم أركان اللواء قائلاًُ: لقد أمر الرئيس بتجنيدكم جميعاً ولم يكمل حديثه حتى انفجرت الحناجر بهتاف يشق عنان السماء "بالروح بالدم نفديك يا علي".. إنه الجوع أيها..