جاءت زيارة الدكتور صالح علي باصرة وزير التعليم العالي و البحث العلمي إلى ماليزيا نهاية الشهر الماضي لتضع حداً لما أفسده المستشاران الثقافي و المالي على مدار سنتين و نيف في بلد تعالت فيه مناشدات و شكاوي طلابها مراراً دون اتخاذ الملحقية الثقافية في ماليزيا أي إجراء يحد من تكرار تلك المشاكل، بل تحول طاقم الملحقية الثقافية إلى عبءً إضافي أثقل كاهل وزارة التعليم العالي .
هذه المرة أدرك طاقم الملحقية الثقافية أن محاولاته في كسب استعطاف وزيراً لا يعفِ مقصراً أو متهاوناً في تأدية عمله غير مجدية، فعدم قدرة مستشاري الملحقية الثقافية على حصر مديونية الملحقية للجامعات و المعاهد الماليزية، ناهيك عن عدم القدرة على الوقوف على رصيد الملحقية الثقافية المصرفي لتحديد الالتزامات، إضافة إلى تضخيم نفقات تشغيل الملحقية الثقافية بالتجاوز عن الميزانية الرسمية لتتعدى مبلغ الـ 200 ألف دولار أمريكي متخطية نفقات تشغيل السفارة بعشرات الأضعاف و عدم إخلاء العهد المالية المتراكمة على الملحقية الثقافية و التجاوز بصرف سلف مالية للمستشارين بعشرات الآلاف الدولارات من مستحقات الطلاب المالية لشراء سيارات خاصة دون علم الوزارة و غيرها من المشاكل التي وضعت طاقم الملحقية الثقافية في عنق الزجاجة .
* محاولات يائسة
قبل أيام قليلة من زيارة الدكتور صالح علي باصرة الى ماليزيا ذهب المستشاران الثقافي و المالي إلى توقيع اتفاقية هزيلة مع مجموعة من الطلاب كإجراء تكتيكي للتغرير على الوزير بأن هذه المجموعة تمثل جميع طلاب اليمن في ماليزيا و أن علاقة الملحقية مع طلابها على أحسن حال و هناك اتفاقيات تزيل أي سوء فهم و من جهة أخرى نجاح الملحقية في قمع أصوات أغلبية الطلاب اليمنيين المتذمرين من سوء إدارة الملحقية الثقافية، لكن ما حدث لم يكن بحسبان المستشارين فقد ذهبت مجموعة الطلاب إلى الإعلان عن بنود الإتفاقية و الوعيد عبر منح فرصة أخيرة لإصلاح أخطاء مستشاري الملحقية الثقافية أو المطالبة بتغيير طاقمها خلال شهرين كمحاولة لكسب تأييد طلابي .
فإدارة الملحقية الثقافية بالعقلية النقابية افتقدت من هيبتها كمؤسسة حكومية و يظهر ذلك جلياً للعيان في عدم إدراك مستشاري الملحقية بأن قانون البعثات و التوجيهات الوزارية لا تقبل النقاش و التفاوض مع الطلاب.
حيث دأبت الملحقية الثقافية على عقد اجتماعات و جلسات عديدة من أجل توقيع اتفاقيات مع الطلاب، الأمر الذي انتقل بعمل الملحقية من إطاره المؤسسي إلى إطار المقايل و المطاعم بهدف المبايعة و المفاصلة على خصم مبلغ مالي زهيد من رسوم الطلاب و الذي قوبل بإعتصامات طلابية، و أصبحت الملحقية الثقافية بين الحين و الأخر تبحث لها عن حليف عبر اللعب بأوراق سياسية بين صفوف الطلاب من أجل تحقيق مصالح آنية .
فشل إداري ذريع
إنحصار عمل الملحقية الثقافية بتعميد و تحرير المذكرات اليومية، إضافة إلى روتين العمل المحاسبي التقليدي يؤكد عدم قدرة الملحقية على تحديد مديونيتها للجامعات و المعاهد التي تطالب مراراً بسرعة التسديد لأنه ما تزال هناك مبالغ مالية محتجزة في حساب الملحقية المصرفي كرسوم دراسية لم تسدد، إلى الآن ، الأمر الذي فتح الباب أمام مكاتب السمسرة للقيام بالدور الثقافي بدلاً من الملحقية الثقافية فقد نجح أحد مكاتب السمسرة في تفويج 15 طالباً و طالبة يمنياً عبر جامعة الجزيرة في اليمن للدراسة في أحدى الجامعات الواقعة شمال ماليزيا مقابل دفع مبلغ يصل إلى 6500 دولار أمريكي للطالب الواحد بينما رسوم الدراسة الحقيقية في الجامعة لا تتجاوز 2000 دولار أمريكي .
و في فضيحة أخرى استطاع أحد قيادي حزب الإصلاح خطف 50 منحة دراسية مقدمة لليمن من إحدى الجهات الماليزية و ذلك بسبب عدم معرفة الجهة المانحة أن هناك ملحقية ثقافية يمنية في ماليزيا، إضافة إلى أن وصل الأمر بَِِإحدى الجامعات الماليزية الحكومية أن تفضل التعامل مع مكتب خاص (عقد إحتكاري) لإستخراج قبولات دراسية للطلبة اليمنيين بدلاً من الملحقية الثقافية مقابل دفع مبلغ 300 دولار على القبول الواحد بينما قيمته الحقيقية 20 دولار أمريكي .
غياب الدور الثقافي اليمني في ماليزيا فتح شهية المتربصين بطلاب اليمن الدارسين على حساب نفقة الدولة أو على حسابهم الشخصي ليقعوا ضحايا في يد من لا يرحم .
فرصة أخيرة
رغم ازدحام جدول أعمال الدكتور باصرة في جلسات مؤتمر التعليم العالي الخامس لوزراء التعليم العالي في العالم الإسلامي المنعقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور للفترة 17 أكتوبر إلى 21 - 2010 م إلا أنه أستطاع أن يجتزئ من وقته ليجتمع بطاقم الملحقية الثقافية في عدة لقاءات لم تخلو من مكاشفة الوزير و توبيخه لمستشاري الملحقية الثقافية عن تقصيرهم و تجاوزاتهم الإدارية و المالية.
حيث أفضت اللقاءات إلى منح طاقم الملحقية الثقافية فرصة أخيرة لمدة شهر واحد من أجل حصر مديونية الملحقية الثقافية المتراكمة للجامعات و المعاهد الماليزية بإسم كل طالب مع تحديد السنة إضافة إلى تفنيد رصيد الملحقية المصرفي و تسديد الرسوم الدراسية المتأخرة و تحديث بيانات الطلاب الأكاديمية و موافاة الوزارة بذلك خلال الفترة المحددة و في حالة عدم الالتزام سيتم تغيير طاقم الملحقية الثقافية .
* انتهاء مدة الفرصة الأخيرة
عدم قدرة طاقم الملحقية الثقافية التواصل مع المؤسسات التعليمية الماليزية بشكل مباشر صعب من عملية حصر مديونية الملحقية المتراكمة للجامعات و المعاهد الماليزية بشكل دقيق، خصوصاً أنه ما تزال هناك مبالغ مالية في حساب الملحقية المصرفي كرسوم دراسية لم تسدد إلى الآن منذ سنيين فكان الأجدر بكادر الملحقية الثقافية صرف مبالغ الرسوم الدراسية الموجودة في حسابها المصرفي كاملة إلى الجامعات، إضافة إلى تصفية العهد المالية المتراكمة عليها و من ثم مطالبة الجامعات الماليزية بكشوفات المديونية الحقيقية .
فوضع الملحقية الثقافية الحالي يحتاج إلى قرار وزاري حكيم بتغيير طاقمها بعدما ما آلت إليه الأوضاع و إرسال لجنة وزارية لتقصي الحقائق و لمراجعة و متابعة مديونية الملحقية الثقافية للجامعات و المعاهد الماليزية و حصر التجاوزات المالية و الإدارية الحالية و الرفع بها لمعالجتها خصوصاً بعد انتهاء مهلة معالي الدكتور/ باصرة لطاقم الملحقية الثقافية .
Waddah200@yahoo.com