في وطن مثقل بالديون والمساعدات، محبط بالمشاكل والأزمات، محاط بالمؤامرات ومنهك من الداخل جراء وضع قسّم أبناءه إلى طبقتين لا ثالثة لها.. الأولى برجوازية تتعامل بالدولار واليورو وغيرها من العملات الصعبة، تستغل خيرات البلاد وتتعامل معها وفق سعر الصرف في السوق السوداء، والثانية هي عامة أبناء هذا الشعب من عمال وصغار الموظفين والمزارعين والفقراء والمساكين المتأثرين بالمآسي التي تمر بها البلاد ويعملون ليلاً ونهاراً من أجل توفير لقمة العيش لأسرهم وبناء منزل صغير إن استطاعوا ولو بعد زمن طويل يأوي أفراد العائلة، ومع انتشار عوامل الفقر والقضاء على الأراضي الزراعية بالمباني والتصحر والهجرة من الريف إلى المدينة وانخفاض مستوى منسوب المياه في الأرض الجوفية واندثار الحواجز والسدود القديمة وإقامة سدود وحواجز للمشائخ والمسولين والمقربين في أعلى.
ومع انتشار ظاهرة البطالة وارتفاع معدل الجريمة وتدني مستوى التعليم ومغادرة الطلاب لفصولهم إلى غير رجعة إما لمساعدة أبائهم في توفير لقمة العيش وعمالة الأطفال وتزايد الأمية وتغيير المناهج تحت مسمى مواكبة العصر حتى أن المعلم أصبح لا يفهم الدرس فما بالك بالطالب.. إلى جانب إلغاء مادة التربية الوطنية التي نحن اليوم في أمس الحاجة لها وضعف مستوى مخرجات ا لتعليم العالي سواء الحكومي منها أو الخاص.
في وضع لا يبشر بخير حيث انتشار الأمراض المزمنة والفتاكة بين أوساط العامة مع شبه شلل تام تعاني منه المرافق الصحية الحكومية، أما الخاصة فهي أشبة بفنادق سياحية ثلاثة وأربعة نجوم يدير معظمها مصاصو دماء بملابس بيضاء.
في ظل هذا كله نرى أن هناك من يسعى اليوم لإثارة كآفة العادات الغير حميدة والتي نبذها ديننا الإسلامي مثل القبيلة والعشائرية والمناطقية والحزبية الهوجاء المتمصلحة والمذهبية والسلالية وغيرها وكأننا بحاجة إليها اليوم في وقت يواجه الوطن أخطر المؤامرات الخارجية في إطار مخطط استعماري جديد يستهدف المنطقة برمتها.
فالحوثية والقاعدة والحراك ندرك جميعاً أنها صناعات غير يمنية، لكنها في نفس الوقت تستهدف اليمن أرضاً وإنساناً، سبق وأن حذرت في وقت سابق في العام 2006م من توسع وانتشار بعض التكتلات المنطوية التي صارت اليوم هي اللاعب الرئيسي لمختلف أحداث البلاد والجميع ينتظر دوره لتنفيذ مصالحه وتحقيق رغباته تحت يافطة الديمقراطية حتى ولو كان ذلك على حساب الوطن وأمنه واستقراره.
أقولها وبكل صدق إن هكذا وضع من تفجيرات واختطافات وفوضى وخلافات وفساد ونهب للمال العام وانتهاك وسلب للحقوق والحريات وبطش للضعفاء في ظل غياب الأمن الذي صار في بضع المحافظات والمديريات إلى شاوش حبس للمشائح والوجاهات.. مع احترامنا لرجال الأمن من الشرفاء وأبطال القوات المسلحة الذين نكن لهم كل الحب والتقدير لكن السيئة تعم خاصة في ظل الأوضاع التي تمر بها.
نعود ونقول إن هكذا وضع لن يخدم سوى أعداء الوطن المتربصين في الخارج الذين ينتظروا قدوم العاصفة وساعة الانهيار للقضاء على كل شيء جميل في هذا الوطن.. وعندما تأتي العاصفة لا قدر الله سنكون جميعاً وقودها حتى أولئك الذين صارت له عمارات واستثمارات في الغرب فإن أمنوا حياتهم فلن يستطيعوا تأمين حياة أبنائهم ومستقبلهم في تلك البلدان.
لذا يقول الحكماء القدامى، من أبناء الحكمة "الوطن غالي"، فهل تدركون معناها الحقيقي أسألوا من سبقوكم إن كنتم تعقلون!!!.