مع كل عيد تظهر بعض المواقف التي تجعلنا مباشرة نتوجه إلى الكتابة عنها من خلال الحياة اليومية التي نعايشها في كل مكان.. فالمدن تتحول فيها بعض المظاهر إلى سلبية بحتة وكما يقال "قدو عيد".
بداية تكون ظاهرة قيادة السيارات من قبل الأطفال شائعة وطبيعية حتى لو كان كل أفراد الأسرة يستقلون السيارة معه وأغلبهم لديه رخصة قيادة ولكن "هو عيد" و"خلي الولد يتعلم" ولو على أرواح المارة والسيارات الأخرى وأصحابها.
في هذا العيد لم يكن غالبية الأطفال سعداء لأن غالبية الشعب طفران وتخيلوا حتى تسأل طفلاً كم كانت عيديتك أو كم جمعت من العسب ؟ فاستغربت حين قال لي أحدهم بس مائة ريال وما رضيت اشتري بها حاجة ، وقالوا عيد والناس أنفسهم يحرمون أطفالهم حتى فرحة يوم عيد والسبب أن أصحاب العمل يحرمونهم إكرامية العيد والعمل هذا ينقسم مابين عام وخاص ، أما العام فهو لأصحاب الكروش والذمم الواسعة والضمائر المعدومة.. وتجد العيد عندهم يتمثل بالذبائح والولائم ومعرفة ما إذا كانوا يستطيعون صرف مليون ريال خلال يوم العيد فقط لشخص واحد ودون النظر في البدلات الأخرى مثل بدل بترول وبدل هنجمة وبدل عسب للمقوت.. وعندما تقف متسولة أمام نافذة سيارته تطلبه عشرة ريالات يقول لها باشمئزاز ((على الله))، وبالتأكيد على الله وليس عليك أيها الأحمق البائس.
في العيد أيضاً لا يزال يعتقد بعض أصحاب التكاسي أو العاملين عليها أن يوم العيد فرصة للاغتنام من ظهر المواطن حين يكون حق المشوار مضاعفاً وكأن البعض تناسى أن عدد سيارات الأجرة "التاكسي" في العاصمة تتجاوز الأربعين ألف ولو كان نصفهم في إجازة عيد فإن النصف الآخر سيعملون حتى يوم العيد وبأقل من السعر اليومي ، ولكن خلوا راحة لأصحاب راحة والعربية عمره ما قد ركبها صاحب العربية حق الخضار وأما كروة فهذه والله عادها كذاك وإلا زين وسواقوها المجانين وعلى سيارات صيني يا قلبي لا تحزن وقالوا ليش الحوادث.
بالرغم من أن أغلب المحلات تقفل أبوابها في العيد إلا أن هذا العيد دليل واضح على مستوى معيشة الفرد في بلادنا فتجد أغلب المحلات كانت تعمل حتى يوم العيد وفي يوم ثاني العيد وثالث ورابع وخامس وبدون شيء اسمه إجازة عيد ، والسبب أن البعض مستاء جداً من وضعه المادي ويحاول أن يعمل من أجل البحث عن الرزق الحلال حتى يوم أن يكون الناس في إجازة ، والبعض الآخر من أصحاب المحلات يزداد به الجوع والجشع حتى لو فتح محله من صباح العيد وحتى مساء خامس أو عاشر العيد ولم يجد زبوناً واحداً ولكن يقول لك عادي حتى بحق القات ، وهذا يسمى الجوع الرسمي وإلا أليس لأبنائك عليك حق ولو حتى يوم في السنة؟!.
كنت أعتقد في العيد أن كل الأسر في كل منزل تتشارك في رابط واحد مع كل الأسر في كل عموم الجمهورية وهذا الرابط هو كعك(معمول).. ولكن للأسف اكتشفت أني على خطأ حين وجدت أن البعض يعتبر الخبز الذي يباع في المخبز هو كعك العيد لأنه لا يعرفه إلا يوم العيد ويكتفي بأكل ما يخبز داخل البيت والذي يخلو من شيء اسمه دقيق أو سمن أو غير ذلك ويستعمل اللبن بدل الحليب والملح بدل السكر.. وبهذا يصبح من وجهة نظر أطفاله هو كعك معمول لأنهم لا يعرفون أين الحقيقي ، ولا كيف يكون ولا يعلمون شيئاً سوى أن ربة البيت أخرجت لهم الملابس التي لا يلبسونها إلا في العام مرتين مرة في عيد الفطر ومرة في عيد الأضحى وترجعها إلى خزنة الملابس بعد غسلها وهكذا منذ سبع سنوات إلى الآن .
في العيد هذا استغرب البعض عدم انشغال شبكات الهاتف المحمول في بلادنا وكما هي العادة سنوياً وقد أرجعوا السبب إلى أن الشركات قد تكون حسنت بعض خدماتها.. ولكن في الحقيقة أن أغلب الناس لم يفكر حتى بشحن جواله يوم العيد رصيداً بسبب أن حق الشحن ينفع للقات والرسائل حق العيد مالها داعي والاتصال حتى مش مهم وأهم شيء الاتصال بالقلوب والأرواح وأن فلاناً على البال وكأني قلت له عيد مبارك وخلاص "ما فيش داعي للإحراج" والتعرض للنهب والسلب من قبل سبأ فول وإم تي جدتي وشركة وأي الضايعة من اسمها من يوم عرفناها، وذلك من أجل تعويض ما يدفعونه من ضرائب وعلى رأس المواطن ، ولنا عودة في هذا الصدد بموضوع آخر أن شاء الله .
في العيد هذا لم أتجه إلا إلى مكان واحد فقط واكتفيت برفقة صديقي الدكتور/ وسيم الشوافي وكالعادة لم يكن لنا إلا الذهاب والتنزه بين أسواق القات من أجل القات والغداء في المطعم والصبوح والعشاء ، ولا جديد سوى أن الشعب مطفرن أكثر من السابق والشحاتين حتى "ضبحانين لأنه ما في حد يتصدق".
قبل الختام : كان في واحد كلما يحاول ابنه يتكلم يقول له لا تتكلم إلا يوم العيد وفي يوم من الأيام كان صديق هذا الرجل في بيته فجاء ابنه يريد أن يتكلم فنهره أباوه أمام الضيف وقال له لا تتكلم إلا يوم العيد ، فاستغرب الضيف وقال للأب هذا طفل، لا تعامله هكذا لأنه بيتعقد ـ فقال الأب : أبني هذا لغجة وأحسن إنه يجلس ساكت ، بعد قليل خرج الأب لقضاء حاجة ، فاقترب الطفل من الضيف وقال له يارجال يارجال :تزّوجني مرتك ، فقال له الضيف "والله صدق أبوك وأحسن حل أنك ما تتكلم حتى يوم العيد وخلي خبرك كله إلى يوم القيامة!!!!!!. ودمتم بخير.
مرسى القلم :
كل شي حبيبي في حياتك مسخرة ***حتى الهوى يا فاتني لعبة عيال
كل يوم قبل النوم تحمل مسطرة *****وترسم قصورك كلها بس في الخيال
ولما تسولف كان عامل عنترة ****وآنت الذي رجال وما منك رجال
أوقاتك الحلوة تراها غشمرة *****وأوقات صفواتك نمضّيها بجدال
وأوقات تلقاني عليها مجبرة ****اني ارتجي منك الوصال
يا طول ليلي وأنت ليلك ما اقصره **** تنسى حبيبك وأنا ويلاتي طوال
يا صغر فرحي والعنا ما أكبره ****وآنت الذي ما جاني عن شوقك سؤال
يكفيك بس يكيك شيل المظهرة ***** واترك من العذال قالوا وإلا قال
بقبل عذابك لانت غاوي سيطرة****** لأنك حلالي وأنا لعيونك حلال.
a.mo.h@hotmail.com