في زحمة الحياة البائسة والتي يعيشها الكثير على هذا الوطن، تتجلى حقيقة الطموح الذي لا يتعدى أبسط مقومات الحياة لكل كائن حي على وجه الأرض ، حين يجد الشخص نفسه أمام متطلبات هو لا يستطيع أن يوفرها لنفسه من أجل الوصول إلى غاية يطمح إليها وقد بذل سنين عمره من أجل هذه الغاية والتي لا تزال في بداية الطريق حين رسم نهجه واختار الوسيلة وأصبح في إحدى قاعات كلية الهندسة يستمع إلى شرح الدكتور بكل حواسه ويحاول جاهداً التغلب على بعض الهموم التي تجتاحه بين الفينة والأخرى من مصاريف وعمل وسكن ومتطلبات أسرة ومعيشة كريمة .
قد يستغرب الكثير من كلام بعض مسؤولينا حول مجانية التعليم وكأنهم لايعلمون أن التعليم الجامعي أصبح شبه مستحيل بل ومستحيل لكل من الأسر التي كانت تطمح بأن يواصل ابنهم أو ابنتهم تعليمه ويتحصل على شهادة عليا تخوله الحصول على وظيفة تعوضهم شقاء السنين التي قضوها في تعليمه، ولكن ينصدمون بواقع مرير يتطلب آلاف الدولارات أحياناً من أجل التعليم بنظام الموازي ومئات الآلاف من الريالات اليمنية لما دون ذلك وبالطبع كل هذا في الجامعات الحكومية وليس الأهلية والخاصة والتجارية والاستثمارية.
كثيرة هي الهموم التي يتحملها الطالب من أجل أن يمضي قدماً في طريق حلمه المجهول وهو يجد من سبقوه لا يمتلكون سوى شهاداتهم وليس هناك من يقول لهم أين أنتم أو ماذا درستم أو خذوا ما تستحقون إن لم يكن لديهم من آل المعالي والسمو وأصحاب المناصب كي يتوفقوا بالحصول على فيتامين "واو"، ولو تطلب الأمر قليلاً من الكذب وكثيراً من الدجل والنفاق، ولكن تجد الكثير منهم يعمل ويدرس في آن واحد وهذا لم يعد بغريب أو بنادر الحدوث أو حتى يستحق الذكر، لأنه أصبح بديهياً والبديهي عاماً والعام على العوام وليس على العموم ، لأن العموم هم كل عم ٍ للعمل وعم ٍ للوظيفة وتخيلوا حتى بعض المدراء في بعض المرافق الحكومية يسعدون كثيراً حين يناديهم أحد الموظفين الصغار بكلمة عم وكأن هذا المرفق أو هذه المصلحة العامة أصبحت حقناً ومن البيت ولازم يقول لي يا عم !!
وما بين مزاجية بعض الدكاترة وأيضاً ليس بمستغرب والكل يعلم كيف يتعامل بعض الدكاترة الجامعيين مع الطلاب بتعالي وكأنهم من سادة الأرض والآخرين مادون ذلك ، تجد عبئاً آخر على الطلاب يتمثل في المراجع والأدوات والبحوث والمشاريع وكل دكتور يتفنن في ابتداع قوانينه الخاصة والتي لم تسمع عنها في أي مكان على وجه الأرض إلا في بلادنا فقط ولا يستطيع أحد أن يقول له لماذا وهكذا جرت العادة وقطع العادة عداوة لأن الدكتور دكتور والطالب طالب، ولا يفيد الكلام شيئاً حين لا تجد حتى المعنيين هم من يعطون لهؤلاء الأشخاص حرية العبث ليس بمشاعر الآخرين فحسب بل بمستقبلهم وطموحاتهم وحياتهم أيضاً، والأسباب كثيرة ولكن أبرزها انشغال الكثير بإموره الخاصة وكأن المنصب الذي هو فيه مجرد تشريف وليس تكليف وراءه متطلبات والتزامات أخلاقية .
لا نمتلك نحن إلا أن نشد على أيدي كل من يعمل بضمير ونبارك لأنفسنا في كل فوج جديد من المتعلمين الجامعيين المتخرجين كل عام، وننتظرهم ليجسدوا أحلامهم وأحلام وطنهم في الرقي والنهوض والتطور.
وأخيراً ونحن في العشر المباركة من ذي الحجة لا يسعنا إلا أن نرجوكم أن لا تنسونا من دعائكم وأن تكثروا الطاعات فهي أيام مباركة ونسال الله أن يكتب لنا ولكم أجرها ودمتم سالمين .
مرسى القلم :
سحرني عطرك الغاشي ***وسحرك ماحوى مغشوش
وتوي في الهوى ناشي *** وبغيت اتجاهلك واحوش
وانا يامنيتي ماشي *** فدا لا تستري المفتوش
حسابي بادفعه كاشي *** وليتك تقبليني قروش
وبارسل خافقي حاشي *** يغطي شعرك المنكوش
قصيدي باكتبه راشي *** مدام انه يقولوا روش.
a.mo.h@hotmail.com