بعد أسبوعين – تزيد أو تنقص – من إعلان الخارجية الأميركية أنها قررت تعزيز علاقتها الدبلوماسية مع الإقليمين المنفصلين في الصومال " بونت لاند، أرض الصومال" عبر المسؤول عن الملف الأفريقي في الخارجية الأميركية.. بعد هذه المدة نقلت وسائل الإعلام الرسمية اليمنية خبراً يفيد بأن من وصفته "رئيس ولاية بونت لاند" الصومالية/ عبدالرحمن محمد محمود سيزور اليمن، وفي الأول من تشرين أكتوبر الحالي حل محمود وعلى مدى عشرة أيام ضيفاً مرحباً به رسمياً في اليمن، التقى خلالها العديد من المسؤولين اليمنيين ابتداءً بوزير الإعلام/ حسن اللوزي وليس انتهاءً بوزير الخارجية د./ أبو بكر القربي بحث خلالها مع المسؤولين اليمنيين العديد من القضايا أبرزها - بحسب ما أعلن رسمياً- القضايا المشتركة بين اليمن وبونت لاند، التبادل التجاري بينهما، القضايا الأمنية والتهريب والقرصنة، والجانب الإعلامي، الذي تسعى اليمن لدعمه من خلال إعادة البنية التحتية الإعلامية وإطلاق العديد من البرامج باللغة الصومالية.. إلخ.
من الغباء جداً والمعيب أيضاً ألا يتم الربط بين زيارة زعيم بونت لاند لليمن وبين إعلان الخارجية الأميركية عن تعزيز علاقتها الدبلوماسية بالإقليمين الانفصاليين في شمال الصومال بعيداً عن الحكومة المركزية الصومالية التي تصارع من أجل البقاء ما تسمى حركة الشباب المجاهدين المدعومة من دول عربية وغربية وأطراف إقليمية ودولية في مقدمتها إريتريا وأثيوبيا وأميركا وغيرها، رغم أن واشنطن تتظاهر بأنها تقف إلى جانب حكومة الرئيس/ شريف شيخ أحمد.. كما أنه من المريب أيضاً إقدام واشنطن على هكذا خطوة سيما وأن ثمة معلومات ومعطيات تؤكد أن الهدف من هذه الخطوة لا يقف عند هرجيسا وبونت لاند فحسب، فمعطيات الاستراتيجية الصهيوأميركية تؤكد أن فكرة وهاجس إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية والسيطرة على باب المندب هاجس لم يبارح اللوبي اليهودي في واشنطن وبريطانيا منذ تضامنت اليمن مع مصر في حربها ضد إسرائيل سنة 73، حين أغلقت اليمن مضيق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية، خاصة وأن هذا التوجه يشكل أكثر من ورقة ضغط على الدول العربية.
الرغبة الأميركية في إنشاء قاعدة عسكرية في سقطرى، والتنافس بينها وكل من روسيا وفرنسا للظفر بهذه الجزيرة وموقعها الاستراتيجي - أمر لم يعد خافياً على أحد، أو بالأصح قد تجاوز مرحلة الرغبات والتمني ودخل أولى مراحله العملية وذلك يتضح جلياً من خلال جملة من المعطيات والمؤشرات، أبرزها التواجد الدولي على مقربة من المياه الإقليمية اليمنية وتعزيز واشنطن علاقتها مع الإقليمين المنفصلين في الصومال وفق سياسة الأمر الواقع وتحت ذريعة حماية خطوط الملاحة الدولية التي تمر منها ملايين البراميل من النفط الخام من الجزيرة العربية والقرن الأفريقي إلى أميركا وأوروبا وإيجاد البدائل في حال فكرت إيران بالسيطرة على مضيق هرمز.
قد يرى البعض أن ربط ما يجري في الصومال والاعتراف الأميركي الأخير بالإقليمين الانفصاليين، وحقيقة التوجه الأميركي تجاه جزيرة سقطرى غير منطقي.. في حين يرى البعض أن ثمة رابطاً بين هذه الأحداث وبين إعلان الخطوط الجوية اليمنية مطلع أيلول/ سبتمبر المنصرم تعليق رحلاتها الأسبوعية إلى هذه الجزيرة "المعزولة أصلاً علينا كيمنيين" ، وإعلان دولة قطر في الحادي عشر من تشرين/أكتوبر الحالي رغبتها بتوسيع استثماراتها في اليمن بما فيها الاستثمار في جزيرة سقطرى وتطويرها سياحياً، وربطها بحقيقة التوجه الأميركي تجاه اليمن، خاصة بعد أن أعلنت القوى العظمى وضع اليد على اليمن والتدخل في شؤونه الداخلية وأعقبت ذلك حملة إعلامية أميركية – بريطانية، روجت من خلالها مصطلحات عدة على اليمن، بدأتها بالمركزية الضعيفة ولم تنته عند الدولة الهشة والفاشلة، بمعنى أنها "أي اليمن" غير قادرة على حماية المصالح الأميركية ورعايا دول القوى الامبريالية الاستعمارية وكذا خطوط نقل النفط والملاحة الدولية - لتجعل من مسألة إنشاء قاعدة عسكرية أو أي تواجد عسكري في الدولة الهشة – كما يفضل بعض الوزراء اليمنيين تسميتها بدلاً عن الفاشلة – شيء تفرضه سياسة الأمر الواقع التي تعتمدها واشنطن أمام هكذا بلدان، فقدت أبجديات الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي.
إبراهيم مجاهد
سقطرى .. استثمارات قطرية وزيارات صومالية وانقطاع رحلة اليمنية "كوكتيل مخيف" 2652