هذه النوعية من الناس التي ترى في مجرد توجيه الاتهام إليها عاراً ومذلة، هؤلاء الذين إذا طرق على بابهم شرطي أو رجل قانون أصابهم الرعب وهتفوا من أعماقهم" اللهم أسترنا.. وأسرتها يا رب"، وكما حكي لنا أجدادنا وآبائنا عن تقاليد زمان وأخلاق وشرف أصحاب زمان أن الرجل زمان يتفاخر بأنه لم يذهب إلى الشرطة أو المحكمة ولا مرة في حياته حتى ولو كانت الاستقامة والسلوك الفاضل والتمسك بالشرف هي عناصر التميز وكان الذي يدخل السجن يخرج منه ذليلاً منكسراً لا يستطيع مواجهة أهله أو الناس على اعتبار أنه خريج سجون، وقد أخطأ في حق المجتمع وحق نفسه أما الآن فالأمر مختلف تماماً أنتشر الفساد في كل مكان وأصبح الفاسدون والخارجون عن القانون يحاولون التستر على فضائحهم وجرائمهم وإذا فضحوا وكشفهم القانون بعض الأحيان يدخلون السجن دون أي إحساس بالندم أو الانكسار ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد.. فالبجاحة أمرها معروف وما أكثر الذين لا يعرفون الحياء ، لكن المصيبة الكبرى هي قلب الحقائق بحيث يصبح المتهم المحكوم عليه بالإدانة مظلوما وإن قاضية هو الظالم.
والأيدي التي كانت تسرق وتتحايل على القوانين والمجتمع دون وجه حق هي نفس الأيدي التي تمسك المسبحة بعض الأحيان وتقول بمناسبة أو بدون مناسبة اللهم أستر علينا .
إن النفس البشرية تميل بالسليقة إلى الستر باعتباره أهم وأغلى من كل كنوز الدنيا ومكاسب الحياة.
ولكن أعزائي القراء في هذا الزمن أنتشر فيه الفساد في ربوع البلاد وسع الفاسدون إلى خلط الأوراق وتشويه الحقائق بإدعاء الشرف ورمي الشرفاء فدع الاتهامات في مثل هذا الزمن زمن الكذب والخداع والغش والنفاق والمخدرات ولصوص الممتلكات والأموال العامة نجد أنفسنا في حاجة لأن نصرخ "اللهم أكشفنا ولا تسترنا" حتى يتبين الفاسد من الشريف.. والله من وراء القصد.<